أصدرت المحكمة التأديبية العليا، حكمها في واقعة إهدار المال العام بشركة مصر للبترول، التي ترتب عليها تسهيل استيلاء شركة الطيران الروسية على مواد بترولية دون سداد قيمتها وبلغت 1.1 مليون دولار، وقضت المحكمة بمجازاة مسئولين من قيادات الشركة وبراءة آخرين.
بدأت وقائع القضية، عندما أبلغت الإدارة العامة للشئون القانونية بشركة مصر للبترول، عن عدم سداد مديونية مستحقة على شركة الطيران الروسية “ميتروجيت” والتي تبلغ مليونا و100 ألف دولار، بسبب عدم اتباع الإجراءات القانونية من قبل بعض قيادات الشركة، وأرفق بالبلاغ مذكرة “مصر للبترول”، والتي انتهت إلى أن قطاع الطيران بالشركة خالف اللائحة العامة للتسويق، وبنود التعاقد المبرم مع العميل الروسي.
وكشفت أوراق القضية، أن شركة مصر للبترول حصلت على شيك ضمان محرر باسم بنك أجنبي، رغم تحذير البنك الأهلي، وبالمخالفة لبند الضمانات الخاصة بعملاء وتموين الطائرات، التي أوجبت تقديم شركات الطيران خطاب ضمان مصرفى غير مشروط، ومعتمد من بنك محلى بالعملة الأجنبية بما يغطى قيمة المسحوبات خلال فترة الائتمان الممنوحة لها، وهو ما لم يحدث من قطاع الطيران الذي لم يقم بتنفيذ بند متابعة التحصيل والائتمان للوكلاء والعملاء الذي أوجب إجراء مصادقات مع العميل كل ثلاثة أشهر، وهو ما لم يقم به أيضًا قطاع الطيران بالشركة مع العميل الروسي.
وتبين من أوراق القضية عدم الالتزام بفترة ائتمان العميل والبالغة 30 يومًا من تاريخ التمويل، وأن عدم التحصيل أولا بأول أدى إلى صعوبة تحصيل المديونية، بعد توقف العميل الروسى عن السداد، حيث بلغت مسحوباته خلال شهرين قبل توقفه مبلغ 10 ملايين جنيه، ورغم ذلك تم السماح له بتخطى قيمة المسحوبات لقيمة شيك الضمان البالغ قيمته 1.5 مليون دولار، علمًا بأنه حدث تقادم في تاريخ الشيك، بالإضافة إلى أنه لم يتم الحصول من العميل على شيك ضمان جديد بعد ثلاثة أشهر من الشيك المؤرخ في 22 يونيو 2015، حيث كان يتعين الحصول على شيك ضمان جديد في 22 سبتمبر 2015.
وجاء بالتحقيقات اختفاء أصل العقد من السوق الخارجي، بالإضافة إلى الخلل الواضح من قبل قطاع الطيران في التعامل مع الطيران الروسي، بسبب الحصول على شيك ضمان بنكى غير معتمد من بنك محلى بالعملة الأجنبية، حيث تم الحصول على شيك ضمان بنكى مسحوب على بنك في تركيا ليس له فروع في مصر، وتجاوز المديونية المستحقة على العميل الروسى لفترة الضمان الممنوحة له بل وتتجاوز المديونية لقيمة الشيك، فضلًا عن عدم تحصيلها خاصة مع توقف العميل عن التعامل مع الشركة، وعدم سداد المديونية المستحقة عليه إثر سقوط الطائرة الروسية التابعة للعميل في 17 نوفمبر 2015.
وبسؤال هشام كمال شلبي، مدير عام الشئون المالية والاقتصادية بالهيئة العامة للبترول في التحقيقات، قرر أن الفحص أسفر عن قيام الإدارة العامة للسوق الخارجى بشركة مصر للبترول بتموين العميل ميتروجيت لوقود الطيران قبل كتابة العقد أو صدور خطاب الضمان، بالمخالفة للتعليمات الصادرة في هذا الشأن، وهو أن يكون التموين بالسداد النقدى مما أدى إلى زيادة المديونية قبل التعاقد، مؤكدًا مخالفة لائحة التسويق وخاصة نظام مراقبة التحصيل والائتمان من حيث بند الضمان وتعديل بنود العقد للعميل من حيث الضمانات دون الرجوع للشئون القانونية والشئون المالية طبقًا لنظام المراقبة والتحصيل، وأشار إلى أن الأضرار المترتبة على الواقعة هي إهدار 1.1 مليون دولار تقريبًا.
وقال: إن اللجنة انتهت إلى خمس توصيات لجبر الضرر المالى وهي: إخطار وزارة السياحة بالمديونية المستحقة على العميل ميتروجيت حتى يتم سدادها من مستحقاتها لدى وزارة السياحة والخاصة بدعم السياحة الروسية، وكذا إخطار وزارة الطيران المدنى بالمديونية المستحقة على العميل حتى إذا تم صرف تعويضات له عن سقوط الطائرة التابعة له يتم استقطاع المديونية المستحقة لشركة مصر للبترول وأنه إذا عادت السياحة الروسية إلى جمهورية مصر العربية وعادت شركة ميتروجيت بنفس الاسم أو أي اسم آخر مرة أخرى يتم مطالبتها بالمديونية المستحقة إضافة إلى مخاطبة كل من السفارة الروسية بمصر ووزارة الخارجية المصرية والخارجية الروسية بالمديونية مع الاستمرار في الإجراءات القانونية عن مطالبة الشركة الروسية بالمديونية المستحقة لشركة مصر للبترول عبر ساحات القضاء.
وانتهت التحقيقات، التي أشرفت عليها المستشار سامية المتيم، مدير مكتب فنى رئيس الهيئة إلى إحالة المخالفين الأربعة للمحاكمة لثبوت اشتراكهم وتضامنهم فيما بينهم بإلحاق ضرر جسيم بأموال الجهة التي يعملون بها بما قيمته 1.1 مليون دولار، نتيجة عدم اتخاذهم الضمانات الكافية لضمان مستحقات الشركة لدى العميل الروسي، حيث وافق أحدهم على إمداد العميل بالوقود قبل تحرير العقد معه، وقبل إصدار خطاب الضمان المطلوب بالمخالفة للتعليمات ولائحة الشركة المعمول بها التي توجب عليه ذلك، وخالف نظام المراقبة والتحصيل والائتمان بأن قبل شيكا بنكيا من شركة ميتروجيت كشيك ضمان رغم أن الساحب بالشيك شركة أخرى غير المتعامل معها، وسمح للطيران الروسى بتجاوز فترة الائتمان الممنوحة له والبالغة 30 يوما حيث لم يصدر تعليماته بوقف التموين رغم اختصاصه بذلك.
وتبين أن الثانى لم يقم بتحصيل مستحقات جهة عمله أولا بأول، مما ترتب عليه صعوبة تحصيل المديونية المستحقة على العميل الروسى بعد توقفه عن السداد، وبلوغ مسحوباته خلال الفترة من أغسطس 2015 وحتى أكتوبر 2015 مبلغ 10 ملايين جنيه، متعديًا بذلك حدود الائتمان، كما تسبب بإهماله في تقادم تاريخ شيك الضمان، ووافق على قبوله رغم أن الساحب شركة أجنبية أخرى غير العميل المتعاقد معه، وتقاعس عن الحصول منه على شيك ضمان جديد بعد ثلاثة أشهر من الشيك المؤرخ في 22 سبتمبر 2015 منذ انتهاء تاريخه.
وانتهت المحكمة إلى مجازاة ط.م، مساعد رئيس الشركة بعقوبة الغرامة التي تعادل الأجر الإجمالي الذي كان يتقاضاه في الشهر عند انتهاء خدمته، ومجازاة ف. خ .، مدير عام مساعد إدارة السوق الخارجي للشركة بعقوبة التنبيه.. وبراءة آخرين.