أكد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن النظام الدولي يمر بمرحلة تحول عميق على صعيد العلاقات بين القوى الكبرى، واحتمالات التنافس أو الصراع بينها، وأن الانسحاب الأمريكي من القيادة العالمية يؤدي إلى الكثير من الاضطراب في عدد من الأقاليم، ومن بينها المنطقة العربية، مُضيفًا أن على العرب أن يقرأوا هذه المتغيرات بإمعانٍ شديد من أجل استخلاص النتائج، واستشراف المستقبل.
جاء ذلك خلال محاضرة ألقاها أبو الغيط اليوم أمام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، حيث سلّط الضوء على المتغيرات العالمية المتسارعة التي لا تتحرك في اتجاه معلوم أو مآل يُمكن التنبؤ به.
وحدد أبو الغيط التطور التكنولوجي والتغير المناخي والهجرة بوصفها ثلاث قضايا رئيسية تُثير الكثير من الاضطراب على صعيد العالم المتقدم والنامي على حدٍ سواء، مؤكدًا أن على الدول العربية الاستعداد لمواجهة هذه المتغيرات المتسارعة التي ستكون لها انعكاساتها على مستقبلها، مشيرًا على نحو خاص إلى الدور السلبي لتكنولوجيا الاتصال والمعلومات في إعادة تشكيل وعي الشعوب عبر استخدام البيج داتا والخوارزميات في تصميم دعاية موجهة لمُستقبِلٍ مُحدد.
وتناول أبو الغيط كذلك التعقيدات المختلفة التي تثيرها قضية الهجرة، خاصة في ضوء ما تُثيره من استقطاب سياسي حاد في المجتمعات الغربية، وكذا في ظل حاجة هذه المجتمعات، وغيرها من الاقتصادات المتقدمة في اليابان والصين، إلى مهاجرين شباب من أصحاب المهارات العالية لسد فجوة المهارات لديها في ضوء شيخوخة سكانها المتسارعة، وما يُمكن أن يؤدي إليه ذلك من نزيف أكثر للعقول والكفاءات العربية، مؤكدًا أن نحو 100 ألف من العلماء والمهندسين والأطباء والخبراء يهاجرون كل عام من ثمانية اقطار عربية، الأمر الذي ينعكس سلبًا على جهود التنمية في العالم العربي.
وأكد أبو الغيط أن التغير المناخي ستكون له تأثيرات خطيرة على المنطقة العربية، خاصة في ضوء كونها أكبر منطقة عجز غذائي في العالم، وكونها تحصل على أغلب غذائها واحتياجاتها المائية من خارجها.
وأشار الأمين العام لجامعة الدول العربية في كلمته أمام مركز الإمارات للدراسات إلى أن العالم العربي يحتاج استراتيجيات غير تقليدية في مواجهة هذه الأوضاع المستجدة وغير المسبوقة، مؤكدًا حاجتنا إلى الخيال في التصور والجرأة في الفعل، ومشددا ًعلى نحو خاص على حاجة الدول العربية إلى الاتفاق على أولويات أمنها القومي توطئة لصياغة رؤية أمنية مشتركة تقوم على في الأساس على الاعتماد على الذات، بالأخص في مواجهة الأطماع الإقليمية، من جانب كل من إيران وتركيا وإسرائيل، والتي تُشكل تهديدًا للأمن القومي العربي في مجموعه.
واشار أبو الغيط في ختام محاضرته إلى أن الإمارات العربية المتحدة قدمت نموذجًا يستحق الذكر والإشادة في التعامل مع المتغيرات وقراءة المستقبل، والتحرك بجرأة وحكمة في نفس الوقت، سواء على الصعيد الداخلي أو في سياستها الخارجية.