استبقت مصر الجلسة المرتقبة التي سيعقدها مجلس الأمن الدولي في التاسعة من مساء اليوم بتوقيت القاهرة – الثالثة عصرا بتوقيت نيويورك – حول قضية سد النهضة الإثيوبي، بإجراء سلسلة اتصالات ومشاورات رفيعة المستوى مع الدول الأعضاء في المجلس، بهدف توضيح موقف مصر بشأن القضية.
جاءت هذه الاتصالات بعد أن كانت الجهود التي بذلتها الدبلوماسية المصرية، وبتوجيه من القيادة السياسية، قد نجحت في الأيام الماضية في تأمين عقد اجتماع المجلس، في أعقاب النتائج التي توصلت إليها القمة الإفريقية المصغرة التي شارك فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي يوم الجمعة الماضي.
وخلال اتصالات مصر بالدول الأعضاء في المجلس، قامت بالتنسيق الوثيق مع فرنسا، كونها دولة رئاسة مجلس الأمن خلال شهر يونيو الجاري، وأيضا على ضوء العلاقات الثنائية الوطيدة بين البلدين، وكذلك العلاقات التي تجمع بين الرئيس السيسي ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، وكذلك مع الولايات المتحدة التي كانت قد استضافت عدة جولات للمشاورات الثلاثية بين مصر و إثيوبيا و السودان ، قبل عقد الجلسة المفتوحة للمجلس حول هذا الموضوع، والتي ستشارك فيها مصر، حيث أظهرت مصر خلال هذه الاتصالات حرصها على عقد جلسة مجلس الأمن حول الموضوع، حيث قدمت في هذا الصدد طلبا رسميا لعقد الجلسة، وقد أسفرت تلك الجهود عن نجاح فرنسا والولايات المتحدة، وبعد مشاورات مضنية مع الدول الأعضاء في المجلس في الحصول على توافق فيما بينها بشأن نظر المجلس لموضوع سد النهضة، بكل ما يتسم به من حساسية وطابع فني، وبالتالي الاتفاق على عقد الجلسة المفتوحة لهذا الغرض مساء يوم الإثنين، وقررت الرئاسة الفرنسية قيام المجلس بنظر الموضوع في جلسة مفتوحة تعقد خصيصا لهذا الغرض، بمشاركة الدول الثلاث مصر و السودان و إثيوبيا ، إذا ما رغبت في المشاركة.
وتم خلال تلك الجهود المصرية المضنية، التأكيد على الدول أعضاء المجلس على أن الغرض من عقد الجلسة والرغبة في عرض الموضوع على المجلس، هو الإصرار من جانب مصر على التوصل إلى اتفاق نهائي مع الجانب الإثيوبي حول سد النهضة، وتجنب التصرفات الأحادية من جانب إثيوبيا ، مثل الملء الأحادي لخزان السد دون اتفاق مع كل من مصر و السودان ، ومنع وصول الوضع إلى حالة تهديد السلم والأمن الدوليين بالمنطقة.
وكشفت مصادر دبلوماسية مطلعة عن أن أهمية تلك الخطوة، والتي تعد إنجازا كبيرا للدبلوماسية المصرية، أي عقد جلسة ل مجلس الأمن حول سد النهضة، تكمن في أنها تعكس اقتناع المجلس، كونه أحد الأجهزة الرئيسية للأمم المتحدة والجهاز الأممي الأساسي المعني بالموضوعات الخاصة بحفظ السلم والأمن الدوليين وبنظر المنازعات والحالات التي يترتب على استمرارها تهديد السلم والأمن الدوليين، بوجهة النظر المصرية التي تؤكد أن استمرار عدم تحقيق تقدم في المفاوضات المرتبطة بسد النهضة، مع قيام إثيوبيا بالإعلان بشكل منفرد وأحادي عن اعتزامها ملء السد في شهر يوليو 2020، هو وضع غير مقبول، ويؤدي إلى خلق حالة يترتب على استمرارها تهديد للسلم والأمن الدوليين.
وتأتي أهمية تلك الخطوة انطلاقا من أن استجابة مجلس الأمن للجهود المصرية تعكس اقتناع المجلس بما بذلته مصر في سبيل التوصل إلى اتفاق حول هذا الموضوع بالطرق السلمية، حيث سبق لها أن خاضت مفاوضات مه الجانبين الإثيوبي و السودان ي لسنوات عديدة، فضلا عن مشاركتها في مسار واشنطن، الذي انتهى بتوقيع مصر بالأحرف الأولى على اتفاق، وأخيرا مشاركة الرئيس السيسي في قمة الاتحاد الإفريقي الافتراضية المصغرة التي دعا إليها سيريل رامافاوزا رئيس جنوب إفريقيا، والرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي.
وتسعى مصر من خلال جلسة اليوم، التي تعتبرها محطة كبيرة ومهمة، إلى الوصول للهدف الأسمى وهو إبرام اتفاق عادل ومتوازن حول السد الإثيوبي.