في مثل هذا اليوم تنيح القديس غريغوريوس بطريرك الأرمن والشهيد بغير سفك دم. هذا القديس كما ذكرنا في اليوم التاسع عشر من شهر توت، قد عذبه تريداته ملك الأرمن في سنة 272 م. بسبب مخالفته له في عبادة الأوثان. ثم طرحه في جب أقام فيه خمس عشر سنة، عاله الله في أثنائها إذ كانت تأتيه عجوز بما يقتات به. ولطول الزمن لم يعرف ذويه إن كان قد مات أو لا زال علي قيد الحياة.
فلما قتل الملك العذراء أربسيما ومن معها من العذارى وأمر بطرح أجسادهن علي الجبال، عاد فندم علي ما فرط منه لأنه كان يريد إن يتزوج منها. ولما رأي ذويه انه قد افرط في الحزن علي قتلها، أشاروا عليه إن يخرج للصيد ليسري عن نفسه. وفيما هو يمتطي جواده وثب عليه شيطان وطرحه إلى الأرض وصار ينهش في جسده، ثم غير الله شخصه إلى صورة خنزير بري، فاخذ يجول في البرية وينهش كل من وجده. كما إن كثيرين من أهل مملكته قد أصابهم ما أصابه وصار فزع وصراخ عظيم في القصر، وهذا بسبب ما فعله بالعذارى. ورأت شقيقة الملك رؤيا، في ثلاث ليال متوالية، كأن إنسانا يقول لها إن لم تصعدوا غريغوريوس من الجب فلن تنالوا خلاصا ولا شفاء. فتحير القوم إذ كانوا يعلمون انه مات. ثم أتوا إلى الجب وانزلوا له حبلا ونادوه، فلما حرك القديس الحبل، علموا انه لا يزال حيا فطلبوا منه إن يتعلق بالحبل واصعدوه، ثم اغتسل والبسوه ثيابا جديدة وأتوا به راكبا إلى القصر. وهناك استعلم منهم عن أجساد العذارى، حيث ذهب فوجدها سالمة فوضعها في مكان لائق. وسأله الشعب إن يشفي الملك مما هو فيه، فأحضره وقال له: هل تعود إلى أعمالك الرديئة؟ فلما أشار الملك بالنفي، صلي عليه فخرج منه الشيطان وعاد إليه عقله وشخصه، ولكنه لم يعد صحيحا كما كان، بل ما زالت فيه بقية من خلقة الخنزير وهي أظافر يديه ورجليه، تأديبا له وتذكيرا بما كان منه حتى لا يعود لمثله. ثم شفي الآب البطريرك جميع المصابين واخرج شياطين كثيرة. فآمن الملك وكل سكان كورته. فعلمهم وعمدهم وبني لهم كنائس كثيرة، ورسم لهم أساقفة وكهنة، ووضع لهم السنن وفرض الأصوام. ولما أكمل سعيه تنيح بسلام، صلاته تكون معنا ولربنا المجد دائمًا أبديًا آمين.