تأمل إدارة الطيران والفضاء الأمريكية (ناسا) أن تسجل في القرن الحادي والعشرين لحظة أشبه بلحظة إطلاق الأخوين رايت، أول طائرة تعمل بمحرك من صنع الإنسان، وذلك عندما تحاول غدا الإثنين، إطلاق طائرة هليكوبتر مصغرة فوق سطح المريخ في أول رحلة جوية بطائرة يتم التحكم فيها على كوكب آخر غير الأرض.
ومن الممكن أن تبدو الإنجازات الكبرى في العلوم والتكنولوجيا متواضعة بالمقاييس التقليدية. فطائرة الأخوين رايت التي أقلعت في أول رحلة جوية يتم التحكم فيها في العالم بطائرة تعمل بمحرك بالقرب من كيتي هوك بولاية نورث كارولاينا في العام 1903 لم تقطع سوى 37 مترا فقط في 12 ثانية.
وبالمثل من المتوقع أن تكون البداية متواضعة لطائرة ناسا الهليكوبتر (إنجنيويتي) التي تعمل بالطاقة الشمسية.
وإذا سارت الأمور وفق الخطة الموضوعة سترتفع الطائرة التي تزن 1.8 كيلوجرام ثلاثة أمتار عن سطح المريخ وتحلق في مكانها لمدة 30 ثانية ثم تدور قبل أن تهبط على أرجلها الأربعة.
ورغم أن هذه الأرقام المتواضعة قد تبدو بسيطة فإن “المجال الجوي” للرحلة التجريبية يبعد 173 مليون ميل عن كوكب الأرض ويقع في قاع حوض فسيح في المريخ يسمى (حفرة جيزيرو).
ويتوقف نجاح المحاولة على تنفيذ إنجنيويتي تعليمات الرحلة المبرمجة مسبقا باستخدام جهاز آلي للتحكم والملاحة.
وقالت ميمي أونج مديرة مشروع إنجنيويتي في إفادة صحفية مؤخرا بمعمل الدفع النفاث التابع لناسا قرب لوس أنجليس “حانت تقريبا اللحظة التي ينتظرها فريقنا”.
وتشبّه ناسا نفسها التجربة برحلة الأخوين رايت قبل 117 عاما، واحتفت بتلك الرحلة التاريخية رغم تواضعها بتثبيت قطعة صغيرة من جناح طائرة الأخوين الأصلية تحت اللوح الشمسي بالطائرة إنجنيويتي.
وصلت الطائرة الهليكوبتر إلى الكوكب الأحمر مربوطة بالمركبة برسيفيرانس التي أطلقتها ناسا إلى المريخ ووصلت إليه في 18 فبراير بعد رحلة عبر الفضاء استغرقت قرابة سبعة أشهر.
ورغم أن رحلة إنجنيويتي ستبدأ نحو الساعة 07:30 بتوقيت جرينتش يوم الإثنين، فليس من المتوقع أن تصل البيانات التي تؤكد نتيجتها مركز التحكم في المهمة بمعمل الدفع النفاث إلا نحو الساعة 1015 بتوقيت جرينتش.
وتتوقع ناسا أيضا استقبال صور ولقطات بالفيديو لتحليق إنجنيويتي يأمل مهندسو الرحلة التقاطها بكاميرات مثبتة على الطائرة الهليكوبتر والمركبة برسيفيرانس التي ستقف على مسافة 76 مترا من منطقة الطيران.
وإذا نجحت الرحلة التجريبية فستقوم الطائرة بعدة رحلات جوية إضافية أطول في الأسابيع المقبلة رغم أنها ستحتاج فترة راحة تتراوح بين أربعة وخمسة أيام بين كل رحلتين لشحن بطارياتها. وتتوقف الرحلات مستقبلا على نجاح الطائرة في الهبوط على أرجلها الأربعة بسلام في المرة الأولى.
وقالت أونج “ليس بها نظام تصحيح ذاتي لذا إذا واجهنا هبوطا سيئا في المرة الأولى فستكون تلك نهاية المهمة”، ومن المخاطر المحتملة أن تهب ريح قوية غير متوقعة تفسد تحليق الطائرة.