وُلِدَ بقرية النخيلة بأسيوط سنة ١٧٣٥م من أبوين مسيحيين بارين أسمياه يوسف وربياه على حب التقوى والفضيلة. وعكف منذ طفولته على القراءة ودراسة الكتب المقدسة. ولما كبر اشتاق إلى حياة الرهبنة، فذهب إلى دير القديس الأنبا أنطونيوس في سن الخامسة والعشرين من عمره، وهناك صار راهباً فاضلاً. وأظهر وداعة ومحبة للحياة النسكية إلى جانب عِلْمه الغزير وخاصة في الأمور اللاهوتية. وفي إحدى زيارات البابا يوأنس (١٨) لدير الأنبا أنطونيوس استدعى الراهب يوسف الأنطوني، ودار بينهما حديث طويل عَلِمَ منه البابا مقدار عِلْم الراهب يوسف ورجاحة عقله، فأخذه معه إلى البطريركية وعهد إليه ببعض الأمور الإدارية فقام بها خير قيام، فارتاح له قلب البابا. وأقامه أسقفاً على جرجا وأخميم سنة ٧٩١م. فاهتم بافتقاد شعبه وتعليمهم وتقويم أخلاقهم وبث الروح المسيحية في سلوكهم كما قاوم الإرساليات الأجنبية التي بدأت تغزو بلاد الصعيد في ذلك الوقت. ولكثرة عِلْم الأنبا يوساب كان البابا يوأنس يسند إليه الرد على رسائل بابا روما، بأسانيده اللاهوتية العميقة، كما كلفه قداسة البابا بجولة تعليمية في الأقاليم المصرية. وقد وضع هذا الأسقف الجليل كتباً ومقالات كثيرة لتثبيت المؤمنين في عقيدتهم الأرثوذكسية، ولما أدركتهُ متاعب الشيخوخة ذهب إلى دير القديس الأنبا أنطونيوس وتنيَّح هناك بسلام عن عمر يناهز الواحد والتسعين عاماً، وما زال جسده الطاهر كاملاً محفوظاً في مقصورة بالدير.