“سبت النور” أو “سبت الفرح” أو “السبت المقدس” كلها أسماء ليوم السبت الذي يحل بعد الجمعة العظيمة وقبل أحد القيامة والذي يوافق اليوم 27 أبريل، ولم يقتصر الاحتفال في “سبت النور” على الأقباط فقط، فيبدأ المصريون احتفالهم مساء الجمعة العظيمة ويكون كلمة السر في هذا الاحتفال السنوي هن الجدات.
تستعد الجدات ليوم السبت بالأدوات المعتادة لكل عام، إذ تخرج الجدة الأكبر سنا حجر “الشيشم” من خزانتها، وهو حجر براق فضي اللون، وتقوم بطحنه حتى يصبح رمادا ناعما، وتعرف مدى صلاحيته للوضع في العين حين يتحول لون الحجر الفضي البراق إلى رماد أسود قاتم كسواد الليل.
تبدأ الجدة في نقل هذا الرماد إلى “المكحلة”، وتنتقي من خزين الخضراوات البصل الأكبر حجما والأكثر ماءً وتضعها بجوار “مرود الكحل” و”المكحلة” حتى يأتي الصباح ويجتمع الأبناء والأحفاد، وفور اجتماع الجميع لمنزل الجدة في صباح السبت الباكر، تبدأ كل أم في إحضار أطفالها سواء أولاد أو بنات وتقوم بفتح أعينهم بالقوة في حين تستعد الجدة لمهمتها السنوية وتبدأ في الضغط على البصل بيديها على الأرض برفق ثم تزيل الجزء الصلب أعلى البصلة حتى تلاحظ وجود مياه البصل، تغرز الطرف المدبب للمرود في البصلة حتى يتشرب ماءها ثم تضعه في المكحلة.
يردد الأطفال بعدها الأغاني وراء الجدة، ومنها أغنية «سبت النور عيدناه.. عيدناه وإحنا في راحة واليهود حزانا»، هذه العادة جرى اتباعها في القرى والمدن والصعيد والريف، ومنهم فاطمة سيد، من محافظة الدقهلية، والتي ما زالت تخاف من هذا اليوم وتقول: “وانا صغيرة كان عندي هلع من اليوم ده عشان بكره الكحل، ومن ستات الجيران عشان كانوا بيمسكوا أي طفل في الشارع يكحلوه غصب عنه”.
أما محمد مسعد، ابن محافظة أسيوط، فأوضح أن أهل قريته ما زالوا يتبعون هذه العادات، وتلتزم بها والدته وجدته كل عام، مع وضع البصلة التي وُضع فيها المرود أمام المنزل أو الدار كما يطلقون عليها، «مش عارف ليه بس البلد كلها بتعمل كده بس بيقولوا عادة فرعونية»، أما الكحل رغم أنه كان يؤلم عينيه إلا أن جدته كانت تخبره بأنه ينقي العين ويحميها من الإصابة بأمراض الربيع.
«سبت النور متعلق بعيد القيامة مش عادة فرعونية»، هكذا أوضحت مارتينا يوسف أصول الاحتفال بسبت النور والذي يتم تحديده بناءً على أحد القيامة من خلال التقويم القبطي، أما علاقة «سبت النور» بالكحل، فتوضح يوستينا أنها بسبب نبوءة “سفر الرؤيا” والتي تتم قراءتها في سبت النور وتوصي بتكحيل العين كرمز للاستعداد لمشاهدة نور القبر المقدس في الآية رؤ ٣:١٨ “وَكَحِّلْ عَيْنَيْكَ بِكُحْل لِكَي تُبْصِرَ”.
ويتبع بعض الأسر عادات غريبة بخلاف الكحل، كوضع بصلة خارج باب المنزل وأخرى تحت الوسادة والنوم عليها، ويقول محمد بسيوني لـ “صدى البلد”: “فاكر موضوع تلوين البيض والبصلة تحت المخدة واخد البصلة الصبح ارميها في الترعة، ومرة حطيتها تحت المخدة نية واتكسرت على السرير وحرمنا من ساعتها”، فتقول السيدات إن البصلة تحت الوسادة تأخذ الخمول من الجسد ويتم إلقاؤها في الترعة صباح السبت.
“الموقية” وهي عادة أخرى غريبة يتم تنفيذها يوم الجمعة العظيمة، حيث تحضر الجدات حطبا أو قشا داخل المنزل ثم يشعلن فيها النيران ويقفز الأطفال والأمهات من عليها، وتقول فاطمة علي: “بنعملها كده من زمان في قريتنا في الشرقية عشان بيقولوا إنها بتمنع البراغيت خصوصا إنها بتكتر في الصيف”، يقفز الجميع من فوقها وهم يرددون “يا موقية خدي البراغيت اللي فيا” ويكونوا سعداء جدا.