أصدرت المحكمة الإدارية العليا حكما نهائيا بإدانة رجل الأعمال طارق نور باغتصاب 805 فدادين في طريق مصر الإسكندرية الصحراوي من أملاك الدولة دون وجه حق، قائلة إنه أضر بأموال الشعب المصري.
وتعليقا على ذلك، أكد مصدر بهيئة التعمير والتنمية الزراعية التابعة لوزارة الزراعة، أن حكم المحكمة الإدارية العليا بات ونهائي وغير قابل للطعن أو الاستئناف، وبناءً عليه سيتم سحب الأرض المذكورة من رجل الأعمال طارق نور.
وأضاف المصدر لـ«صدى البلد»، أن الخطوة التالية التي ستحدث تشكيل لجنة من الجهات المعنية والنزول إلى موقع الأرض واستلامها وإخلائها تماما، لتكون لوصاية هيئة التعمير والتنمية الزراعية مرة أخرى.
وعن إمكانية تقديم طلب تقنين جديد، أشار المصدر إلى أن فترة تقديم طلبات التقنين للأراضي المعتدى عليها انتهت ولا يمكن تقديم أي طلب في الوقت الحالي.
فيما عبر المصدر عن استغرابه من تأخر تشكيل اللجنة حتى الآن لسحب الأرض من رجل الأعمال طارق نور، صاحب شركة “ديزرت ليكس”.
وأوضح المصدر أن القيادة السياسية في مصر خلال الفترة الحالية تعكف على إعادة الحق لأصحابه وإنهاء كل مظاهر وضع اليد، والحفاظ على أصول مؤسسات الدولة، لتحقيق أقصى استفادة منها.
وكانت محكمة القضاء الإداري أصدرت حكمين، الأول بإعادة 405 أفدنة مغتصبة من شركة “ديزرت ليكس” ويمثلها طارق نور، وفى الحكم الثانى أعادت 400 فدان أخرى تنازل فيها طارق نور عن 271 فدانًا لرجال أعمال آخرين هم علوى محمد تيمور وشريف محمد على ونيهال إسماعيل نبيل، ومن بينهم نجله كريم طارق نور، وصفته المحكمة بأنه تنازل ممن لا يملك وفيما لا يملك من أراضى الدولة على مرأى من الجهة التى ناط بها القانون الحفاظ على أراضى الدولة حتى يتلافى حظر تملك الـ100 فدان وتنازله بلا أي مقابل على التحايل على القانون فى أنكى صوره وأكحل حالاته وهم مغتصبون لها غير مالكين أصلًا.
وأكدت الإدارية العليا، في حيثياتها أن رئيس الإدارة المركزية للملكية والتصرف أحال بتاريخ 12/12/2010 طلب شركة ديزرت ليكس، الطاعنة لتقنين وضع يدها على مساحة الـ 405 أفدنة للمستشار القانونى للهيئة آنذاك، والذى أبدى رأيه القانونى فى ذات يوم 12/12/2010 أورد به أنه بصدور قانون المناقصات والمزايدات رقم 89 لسنة 1998 أصبح لا يجوز التصرف فى أراضى الدولة سوى بالمزاد العلنى، وأنه بصدور القانون رقم 148 لسنة 2006 يجوز التصرف بطريق الاتفاق المباشر لمن قام باستصلاح وزراعة مساحات وضع اليد قبل صدور القانون المذكور بحد أقصى مائة فدان، وأنه من ثم يتعين الالتزام بأحكام القانون المذكور، لكنه أورد مباشرة عقب كلمة الالتزام بأحكام القانون المذكور عبارة “الذى لا يسرى على الطلب المقدم من الشركة”، مما يشوبه بالتناقض الشديد، الأمر جعل الجهة الهيئة فى حيرة من أمرها بشأن ما أورده من ضرورة الالتزام بأحكام القانون وفى الوقت ذاته عدم سريانه على مُقدم الطلب، فكيف يستقيم الالتزام مع الاعفاء منه! وأضحت الهيئة عاجزة عن اتخاذ قرار صريح فى اجتماع مجلس إدارتها لبحث هذا الموضوع، مما اقتضى من رئيس الإدارة المركزية للملكية والتصرف إلى كتابة تأشيرة بتاريخ 15/12/2010 قوامها “تصدق طبقًا للقواعد”.
وأشارت المحكمة الإدارية العليا إلى أن الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية فى الأصل العام تستقيم حارسة على المصلحة العامة بحكم كونها أمينة على الأراضي التي تقع تحت سيطرتها بنصوص القانون، ويجب أن تكون شغوفة بإعمال وجه السياسة الاقتصادية والتنموية للدولة، فالمصلحة العامة التي ترمي إليها الهيئة حال إبرام عقود تملك الأرض للأفراد يكون مُوقدها أهدافًا اجتماعية تعززها خطط سياسية تنموية رسمت الدولة ملامحها وحددت سماتها وأناطت للهيئة تشكيل تفاصيلها، ومن ثم فإن القبول الصادر من الهيئة يتعين ولا مراء أن يتلازم مع هذه الاعتبارات ويقترن بخطط الدولة في هذا النطاق فلا يحيد عنها ولا يرتضي عنها بديلًا، وهذا الأمر في مجمله يستقيم وجهًا من أوجه المصلحة العامة جدير باحترامه، وبالتالي فإن القبول الذي يصدر من الهيئة قد يتغير وتتبدل أحواله بتبدل أحوال وظروف مناحي التيارات الاقتصادية والتنموية التي تهب على البلاد، إذ قد يصدر قبول لطائفة من الأفراد بتملكهم مساحات من أراضي الهيئة في ظل سياسات وموجبات تبرره، ثم ينقلب الأمر على خلاف ذلك لطائفة أخرى في حقبة زمنية مختلفة ويصير أمر التملك لا يتلاءم مع سياسات تنموية مستحدثة حلت محل سابقتها، بمراعاة القواعد والضوابط الحاكمة فى شأن التملك، فى نطاقها الموضوعى والزمنى.
وذكرت المحكمة أن اعتبارات المصلحة العامة لصيقة بمسألة تنفيذ سياسات الدولة الاقتصادية والتنموية وهذه السياسات بطبيعتها خاضعة لمنطق التغيير والتبديل الدائم الذي لطالما لا يثبت على حال لكونه يوائم احتياجات الدولة ومتطلباتها التي هي أيضًا بطبيعتها متغيرة، ومن ثم فلا تثريب عليها إن هي عدلت مسار سياساتها في تملك الأراضي التي في جعبتها كانعكاس لتغير سياسة الدولة في هذا المضمار، ولا يتحدى في هذا الشأن بسابقة موافقتها لطائفة من الأفراد بالتملك في ذات النطاق الجغرافي المرفوض لطائفة أخرى، إعمالًا لصحيح القانون دونما تعسف أو انحراف، لكون هذا الأمر يجد مردوده في تغير سياسات الدولة التنموية والتي تعتبر قرارات الهيئة كيان لا ينفرط عنها، طالما تباينت الظروف والأحوال المصاحبة لكل حالة على حدة، على نحو لا يجعل كلًا منها متطابقا ومماثلًا للآخر، ومادامت الهيئة قد التزمت جادة الصواب في رفضها للطلب المقدم إليها لتملك الأرض، وسارت على الدرب القويم المقرر لها، فاتخذت من سياسات الدولة سبيلًا ومن موجباتها التنموية منهجًا، وكان باعثها في ذلك الأخذ بأسباب المحافظة على دعائم المصلحة العامة وتعزيز أركانها، والأمر برمته ينصب في نهاية المطاف في تقدير القاضي الإداري – العاصم من القواصم – الذي عليه أن يوازن بين هذه الأمور مجتمعة في ضوء الأوراق والمستندات التي تحت نظره وحصيلة ملابسات وظروف الموضوع الذي هو بصدده في كل حالة على حدة.
واستطردت المحكمة أن المشرع أجاز التصرف في العقارات أو الترخيص بالانتفاع بها أو باستغلالها بطريق الاتفاق المباشر لواضعي اليد عليها الذين قاموا بالبناء عليها أو لمن قام باستصلاحها واستزراعها من صغار المزارعين، بحد أقصى مائة فدان في الأراضي الصحراوية والمستصلحة، وعشرة أفدنة في الأراضي الزراعية القديمة، وكذلك بالنسبة إلى زوائد التنظيم، وفي غير ذلك من حالات الضرورة لتحقيق اعتبارات اجتماعية أو اقتصادية تقتضيها المصلحة العامة، وذلك كله وفقا للقواعد والإجراءات التي يصدر بها قرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية، يتضمن الشروط التي يلزم توافرها لإجراء التصرف أو الترخيص، وتحديد السلطة المختصة بإجرائه واعتماده وأسس تقدير المقابل العادل به وأسلوب سداده. وبالفعل صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2041 لسنة 2006 بتاريخ 4/11/2006 تطبيقًا لأحكام القانون رقم 148 لسنة 2006 المشار إليه , متضمنا قواعد وأسس التصرف فى أراضى وعقارات الدولة حرص فى مادته الأولى على التأكيد أنه مع عدم الإخلال بحق الدولة في إزالة التعدي علي أملاكها الخاصة بالطريق الإداري يعمل في شأن تطبيق أحكام القانون 148 لسنة 2006 المشار إليه بالشروط والقواعد والإجراءات التى تضمنتها مواده وأهمها ما تضمنته المادة السادسة منه بأن يكون التعامل علي الأراضي التي تمت زراعتها قبل العمل بأحكام القانون 148 لسنة 2006 سواء الأراضي الصحراوية المستصلحة أو الأراضي الزراعية القديمة وفقًا للشروط الآتية: أولًا: ألا تزيد مساحة الأراضي الصحراوية المستصلحة والمستزرعة علي مائة فدان. ثانيًا: ألا تزيد مساحة الأراضي الزراعية القديمة على عشرة أفدنة. ثالثًا: أن يتوافر للأرض مصدر ري دائم.
وفي الطعن الثانى الخاص برفض تملك كل من علوى محمد تيمور وشريف محمد على ونيهال إسماعيل نبيل لـ 400 فدان بمائتى جنيه للفدان حال كون اللجنة العليا لتثمين الأرضى قدرتها بخمسين ألف جنيه عام 2007 وابطالها لتنازل طارق نور عن 271 فدانا لهم:
قالت المحكمة إنه بتاريخ 25/12/2008 تقدم الطاعنون لتقنين وضع يدهم على مساحة 400 فدان بناحية الكيلو 74.5 غرب طريق مصر إسكندرية الصحرواى مرفقا بالطلب أصل إقرار بالتنازل عن الـ 400 فدان من شركة ديزرت ليكس التى يمثلها طارق نور لصالح كل من الطاعنين الثلاثة ومعهم نجل المتنازل كريم طارق نور بواقع 100 فدان لكل منهم، وبتاريخ 18/2/2011 تقدم الطاعنون بالطلب رقم 30363 لإعادة البحث المساحى وقد أرجته الهيئة المطعون ضدها فعلا وثبت لديها أن المساحتين “أ و ب” تم معاينتها على النحو التالى: (أ) كمال صبرة بمساحة 75 فدانا، (ب) حاتم صبرة بمساحة 72 فدانا، و4 ط و8 س داخل مساحة التنازل من الشركة الوطنية للتنمية والتشييد والمقدم عنها طلب انتفاع رقم 800 فى 13/7/1986 لمساحة 1200 فدان، وطلب شراء برقم 9740 فى 13/10/1991 بمساحة 2000 فدان باسم الشركة المذكورة لصالح شركة “ديزرت ليكس” طارق نور وشركاه عن مساحة 1034 فدانًا، ثم تقدم الطاعنون بطلب آخر مرفقًا به شيك بمبغ 400.000 أربعمائة ألف جنيه، وقد أفادت الشئون القانونية بالهيئة بكتابها رقم 7485 فى 4/9/2011 أن المساحات الثلاث لكل من كمال صبرة وحاتم صبرة والطاعنين تم التعامل عليها باسم طارق نور شركة ديزرت ليكس وهم واضعو اليد عليها، وأفادت الهيئة بأن المعاينات تمت فى 2008 أى بعد صدور القانون رقم 148 لسنة 2006، كما أفادت أنه لا توجد ثمة عقود مبرمة من الهيئة لطارق نور سواء عقود إيجار أو بيع.