عاش القديس ابو فانا فى مابين النصف الأخير من القرن الرابع و أوائل القرن الخامس الميلادى (355 – 415 ) م ، ولد فى ممفيس من أبوين تقيين غنيين فى النعمة و الثروة ، فنشأ فى حياة القداسة و صلابة الإيمان و دفء الحياة المسيحية مما كان له أعظم الأثر فى حياته المبكرة فمنذ طفولته إستقى من الكتب المقدسة و تعاليم الكنيسة فتعلم القديس حياة الصوم و الصلاة و العطف على الفقراء حيث كان والديه يصنعان صدقات كثيرة ، فأحب الرب الهه منذ طفولته، ولما بلغ سن الشباب كانت ميوله نحو الصلاة و التسبيح و القراءات الروحية فعاش حياة الطهارة و أحبها ، فكان بالحقيقة إناء نقيا مقدسا لسكنى الروح القدس.
و مع نموه فى النعمة و القامة يوما بعد يوم تزايدت أشواقه و محبته لطريق الرهبنة ، و مع إزدهار الحياة الرهبانية فى الصعيد انطلق ليتتلمذ للرهبان و المتوحدين ، وكان شديدا فى نسكه و تقشفه فكان يدرب نفسه أن يقتنى كل فضيلة يسمع عنها أو يراها من الأباء الرهبان.
لم يأخذ رتبة كهنوتية حسب النظام الباخومى ، و لكنه صار أبا لبطاركة إذ تخرج من الدير اثنين من الآباء البطاركة هما : البابا ثيؤدوسيوس الـ79 ، و البابا متاؤس الأول الـ 87 ، و قد تكاثر أولاده جدا فكان لا يفتر عن تعليمهم و إرشادهم ، و أعطاه الله موهبة شفاء المرضى ، بل و إقامة موتى ، و كذلك منحه الله الشفافية الروحية ، و صارت حياته بركة .
ثم توحد بمغارة فى الجبل الغربى من قصر هور ، و قد أنبع ىالله عين ماء عذب عند مدخل المغارة، وتزايد جهاده الروحى حيث أضنى جسده بالصوم الكثير الذى كان يطوى الأيام فيه يومين يومين ، و كان دائم الوقوف للصلاة حتى تورمت رجليه ، و لصق جسده بعظمه من شدة النسك فصار مثل خشبة محروقة ، و كان كلما غلبه النعاس ينام وهو متكئا بصدره على جدار أقامه خصيصا لذلك أو يجلس على الأرض و يستند إلى الحائط أو يضع رأسه على درجة و ظل هكذا 18 عاما حتى يوم نياحته يوم السبت 4 مارس لعام 415 م الموافق 25 أمشير لعام 131 ش ، و دفن بديره الموجود بالجبل الغربى لقصر هور ـ ملوى .
بركة صلواته تشملنا آمين