فى مثل هذا اليوم اجتمع بجزيرة بنى عمر مجمع على قوم يقال لهم الاربعتعشرية ، وهؤلاء كانوا يعملون عيد الفصح المجيد مع اليهود فى اليوم الرابع عشر من هلال نيسان فى أي يوم اتفق من أيام الأسبوع . فحرمهم أسقف الجزيرة، وأرسل الى سرابيون بطريرك إنطاكية ، ودمقراطس أسقف روما ، وديمتريوس بطريرك الإسكندرية ، وسيماخس
أسقف بيت المقدس ، وأعلمهم ببدعة هؤلاء القوم . فأرسل كل منهم رسالة حدد فيها أن لا يعمل الفصح إلا فى يوم الأحد الذي يلي عيد اليهود . وأمر بحرم كل من يتعدى هذا ويخالفه . واجتمع مجمع من ثمانية عشر أسقفا ، وتليت عليهم هذه الرسائل المقدسة . فاستحضروا هؤلاء المخالفين ، وقرأوا عليهم الرسائل . فرجع قوم عن رأيهم السيىء ، وبقى الآخرون على ضلالهم . فحرموهم ومنعوهم ، وقرروا عمل الفضح كأوامر الرسل القديسين القائلين : ان من يعمل يوم القيامة فى غير يوم الأحد ، فقد شارك اليهود فى أعيادهم ، وافترق من المسيحيين . أما الخلاف بسبب عيد الفصح المسيحي (القيامة) فقد بدأ بين آسيا الصغرى وروما ، فجاهر بوليكربس أسقف أزمير المحافظة على يوم 14 نيسان لذكرى الصلب ، و 16 نيسان لذكرى القيامة ( وهما التاريخان اللذان حدث فيهما الصلب والقيامة بدون نظر الى اليوم فى الأسبوع . وسار معه فى رأيه مسيحيو ما بين النهرين وكيليكيا وسوريا . أما فكتور أسقف روما فجاهر بضرورة ملاحظة أن يكون الصلب يوم الجمعة والقيامة يوم الأحد . ( باعتبار أن يوم الجمعة هو اليوم الذي حدث فيه الصلب ، والأحد هو اليوم الذي حدث فيه القيامة ) . وقد شايعه فى ذلك مسيحيو مصر والعرب وبنطس واليونان . واشتد الخلاف بين الأسقفين ، إلا أن المودة كانت قائمة . وتدخلت الإسكندرية فى هذا الموضوع ، وحاول أسقفها يمتريوس الكرام التوفيق بين الرأيين (أن تكون ذكرى الصلب يوم الجمعة والقيامة يوم الأحد ) ، على أن يرتبطا بيوم 14 نيسان ( الفصح اليهودي ) . وجمع لهذا الغرض علماء الإسكندرية الفلكيين ، وبينهم بطليموس الفلكي الفرماوى ، ووضع بواسطتهم حساب الابقطى ، المشهور بحساب الكرمة ، والذي بموجبه أمكن معرفة يوم عيد الفصح اليهودي ( ذبح الخروف ) فى أية سنة من السنوات المصرية القبطية ، وحدد يوم الأحد التالي له عيدا للقيامة . وبهذا ينفذ ما أوصى به الرسل ألا يكون الفصحان اليهودي والمسيحي فى يوم واحد . وقد أقر المجمع المسكوني الأول المنعقد فى نيقية سنة 325 م هذا الرأي وكلف الإسكندرية بإصدار منشور عن العيد كل سنة . الرب يحرسنا من غواية الشيطان ببركة صلاة القديسين . آمين .