كله للخير… فى مثل هذا اليوم 5 سبتمبر 1981 تحفظ السادات على البابا شنودة بدير اﻷنبا بيشوى .. وهو لا يدرى أنه بسماح من الله لكى يحفظه من اﻹغتيال بالمنصة يوم 6 أكتوبر من نفس العام والذى إستشهد بدلاً من قداسته نيافة اﻷنبا صموئيل أسقف الخدمات العامة فى ذلك الحين.
نتذكر هذا الحادث كل عام، وفيه نرى يد الله القوية التى تحفظ أبنائه نرى الله القوى ضابط الكل ملك الملوك ورب الأرباب نرى وعود الله من يمسكم يمس حدقه عينى، وكما قال الكتاب الرب يدافع عنكم وأنتم تصمتون. نرى أنه كما علمنا قداسة البابا شنودة الثالث وكما قال فى أول عظة له بعد رجوعه إلى كرسيه أن “ربنا موجود”
الخلاف ما بين قداسة البابا شنودة الثالث والرئيس السادات. إن الاصطدام لم يأتِ مبكرا، وبخاصة أن “السادات” لم يكن في حاجة لتوسيع رقعة الأعداء الكثر أصلا، وبعد أن أزاح ما يعرف بـ”مراكز القوى الناصرية” كان لابد وأن يلملم ولا يفرق لأنه مقدم على حرب حتمية مفروضة عليه لاسترداد الأرض، وبعد نصر أكتوبر عام 1973 بات “السادات” أكثر ثقة في نفسه وأكثر انفرادا بالقرار فكان قراره الأخطر بإطلاق يد الجماعات والتيار الإسلامي – دون قيد – في الجامعات والشارع السياسي المصري لمحاربة التيار اليساري والشيوعي فكان أن تحقق له هذا بالفعل.
قبل هذا كان البابا “شنودة” قد سجل رفضه لاتفاقية السلام مع إسرائيل، وأكد ذلك بأن قرر عدم الذهاب مع الرئيس “السادات” في زيارته إلى إسرائيل عام 1977، هذا بطبيعة الحال صنع حالة عدائية من السادات تجاه البابا لأنه لم يتصور أن يخالفه أحد في قرارته بعد الحرب فما بالك إذا كان هذا هو القيادة الكبرى لكل الأرثوذكس الذين يشكلون أغلبية المسيحيين في مصر؟!
بات الصدام وشيكا.. وفي ظل اتهامات متزايدة من الأقباط بأن الدولة تغذي العنف تجاههم من قبل الجماعات الإسلامية، وعندما قام الرئيس “السادات” بزيارة إلى أمريكا كان الصدام.. إذ نظم الأقباط في أمريكا مظاهرة مناهضة لـ”السادات” رفعوا فيها لافتات تصف ما يحدث للأقباط في مصر بأنه اضطهاد وهو بالقطع ما أضر بصورة “السادات” كثيرا فطلب من معاونيه أن يتصلوا بالبابا ليرسل من يوقف هذه المظاهرات، وعندما حدث هذا فعلا متأخرا بعض الشيء ظن “السادات” بأن البابا “شنودة” يتحداه، فكانت أن أصدرت أجهزة الأمن قرارا للبابا بأن يتوقف عن إلقاء درسه الأسبوعي, الأمر الذي رفضه البابا ثم قرر تصعيد الأمر بأن أصدر قرارا بدوره بعدم الاحتفال بالعيد في الكنيسة وعدم استقبال المسئولين الرسميين الذين يوفدون من قبل الدولة عادة للتهنئة.
بل وصل الأمر إلى ذروته عندما كتب في رسالته التي طافت بكل الكنائس قبيل الاحتفال بالعيد أن هذه القرارات جاءت “احتجاجا على اضطهاد الأقباط في مصر”، وكانت هذه المرة الوحيدة التي يقر فيه البابا علانية بوجود اضطهاد للأقباط في مصر.. أصبحت القطيعة بين “السادات” والبابا “شنودة” هي عنوان المشهد. فى 5 سبتمر عام 1981 اتخذ السادات قرارًا باعتقال أكثر من ألف وخمسمائة من قيادات مصر الدينية والسياسية قرارت السادات فى 8 بنود، يخصنا فيها البند الثامن، والذى قال فيه الآتى وبالنص: (إلغاء قرار رئيس الجمهورية 2782 لسنة 81 بتعيين البابا شنودة بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وتشكيل لجنة للقيام بالمهام البابوبية من خمسة من الأساقفة) لم يكن مصير البابا الاعتقال وإنما كان تحديد الإقامة في الدير بوادي النطرون. وقام السادات بتعيين لجنة من الأساقفة لأدارة البطريركية وهذا الأمر لم يكن قانونياً سواء بالنسبة لقوانين الدولة أو حتى قوانين الكنيسة ، وفي الشهر التالي من قرار التحفظ على قداسة البابا تم قتل السادات فى حادث المنصة الشهير برصاص الجماعات الإسلامية التى أطلق لهم العنان ليفعلوا ما يشاءون فيما قبل.
بركة صلوات مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث ونيافة الأنبا صموئيل تكون مع جميعنا.
منقول