كلمة الله فى الكتاب المقدس روح وحياة ..عظة البابا تواضروس فى قداس تدشين كنيسة العذراء والانبا موسى بالمنشية الاسكندرية
عظة قداسة البابا تواضروس الثاني في قداس تشين كنيسة السيدة العذراء مريم والأنبا موسى بالمنشية.
بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين، تحل علينا نعمته ورحمته من الأن وإلى الأبد آمين.
في هذا الصباح المبارك أيها الأحباء هو الأحد الأول من شهر أمشير وهو الشهر السادس في الشهور القبطية والكنيسة تخصص هذا الشهر لتقرأ من أنجيل القديس يوحنا البشير الإصحاح السادس، قراءات الأحاد الثلاثة في شهر أمشير كلها من إصحاح رقم ٦ من إنجيل معلمنا يوحنا البشير والكنيسة تخصص هذا الشهر للتكلم عن “المسيح خبز الحياة” والإصحاح السادس يتكلم عن السيد المسيح الذي أشبع الجموع وكما هو مكتوب ” طُوبَى لِلْجِيَاعِ وَالْعِطَاشِ إِلَى الْبِرِّ، لأَنَّهُمْ يُشْبَعُونَ ” الإنسان الذي خلقه الله لا يشبع إلا بالله، الإنسان إن عاش على الأرض طولًا وعرضًا وأعطاه الله من نعم كثيرة ولكن لا يوجد على الأرض شيء يشبع الإنسان سوى الله الذي خلق الإنسان، لذلك وصية أنجيل الأحد الأول من شهر أمشير من هذا الإصحاح الذي يتحدث عن الخبز ” اِعْمَلُوا لاَ لِلطَّعَامِ الْبَائِدِ، بَلْ لِلطَّعَامِ الْبَاقِي لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ ” وهذه وصية لنا جميعًا، الناس نوعين:
١- النوع الأول من يعملوا من أجل الطعام البائد.
٢- النوع الثاني من يعملوا من أجل الطعام الباقي.
من يعملوا من أجل الطعام البائد كل أهدافهم أهداف أرضية وهنا الخطورة لأن كل ما يبحثوا عنه ينتهي بنهاية حياتهم في تراب الأرض وهذا هو الطعام البائد، ومن الجميل في كنيستنا أن بها كم كبير من الأصوام ومن هدف الأصوام أن تنبه الإنسان أن حياته ليست من الطعام بل هي من يد الله، المعنى المطلوب من الأصوام أن تزرع وصية في قلب الإنسان، فكل مرة نحن نصوم نحن ناكد على الوصية أن لا يعمل الإنسان من أجل الطعام البائد بل يعمل من أجل الطعام الباقي، و من يعملون من أجل الطعام البائد كل أفكارهم تخص الأرض لا يفكر في السماء، وأنت تعمل على الأرض بقدمين فكرك وقلبك يكون في السماء، الطعام الباقي الذي نعمل من أجله هو أن تسعى كل يوم أن تكتب اسمك في السماء وتأكد على وجود اسمك في السماء.
الكنيسة تقدم لنا ثلاث أنواع من الخبز الذي يُشبع:
١- كلمة الله المقدسة: ” اَلْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ ” هناك غذاء ونمو، كلمه الله تغذي، الطعام الباقي في أحد جوانبه هو الكلمة المقدسة، أن يدخل الإنسان إلى أعماق الكلمة، طوبى للجياع والعطاش للكلمة المقدسة الذي دائما حاضر في ذهنه الإنجيل، الإنسان يعيش في صخب العالم والسوشيال ميديا أيها الحبيب كل هذا طعام بائد، أن أردت الحياة فابحث عن الطعام الباقي الذي هو في كلمة الله، هل ما يقدمه الإنسان من عمر ويضيع في هذا الكم الهائل من الأخبار سوف تفيده في السماء؟ وكل هذا يريد أن يحتل قلبك وفكرك وكلمة الله لا تجد مكان لديك، انتبهوا أيها الأحباء من هذا الشكل الجديد من الحروب الروحية التي تسبي الإنسان، الطعام البائد هو كل ما يعمل في هذا الكم الواسع الذي ليس له قيمة أمام السماء، القيمة الحقيقية أن تعمل من أجل الطعام الباقي في كلمة الله الحي.
٢- الكلمة المأكولة في سر الأفخارستيا: ” مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ ” تناول الأسرار المقدسة والحياة بها هو عمل للحياة الأبدية للطعام الباقي “يعطى عنا خلاصًا وغفران للخطايا وحياة أبدية لمن يتناول منها” ولكن هذا الطعام الباقي يجب أن تتقدم له بوعي لذلك قبل أن نتقدم للمائدة المقدسة يسبقها صلوات وقراءات تمهيد لتصل لنقطة الذروة وتتناول من جسد الرب ودمه وتعمل للطعام الباقي وصارت النعمة ساكنه في قلبك، طوبى للجياع والعطاش إلى المائدة المقدسة فأنهم يشبعون، وارجو أن تتفهم أني لا أقصد أن تترك عملك ولكن يجب أن يكون الله حاضرًا أمامك صباحًا ومساءًا في فكرك وقلبك ومشاعرك، حياة الإنسان سر كبير والله هو الذي أعطانا الحياة وهذا السر لا يشبع إلا من عند الله.
٣- الأعمال المقدسة: الأعمال التي يعملها الإنسان تمجيدًا لأسم المسيح خالصًا ولذلك يجمع الله من كل أعمالنا المحبة التي فيها، لأن مسيحنا عندما آتى إلى العالم أتي حبًا خالصًا فينا ” لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ ” لذلك يطوب الله أعمال الخفاء لأنها تنم عن محبة في قلب الإنسان.
الخلاصة يا أخوتي أننا في شهر أمشير نستعد للصوم الكبير الذي يأتي في النصف الثاني من شهر أمشير لذلك رتبت الكنيسة أن تتحدث فيه عن خبز الحياة أعمل للطعام الباقي.
طوبى للجياع والعطاش إلى الكلمة المقدسة … وإلى المائدة المقدسة …. وإلى أعمال المحبة المقدسة هذا هو الطعام الباقي الذي يصنعه الإنسان حبًا خالصًا في شخص المسيح.
نحن اليوم فرحانين ويشترك معي كل الآباء الأساقفة والآباء الكهنة في تدشين كنيسة العذراء والقديس موسى القوي بالمنشية وهي كنيسة لها تاريخ طويل وكانت تابعة للكنيسة المارونية وبمحبة بين الكنيسة المارونية والقبطية قدموا هذا المكان وتم تعديله ونحن اليوم في هذه الكنيسة والمكان به أكثر من طابق وهى كنيسة جميلة ومفرحه واليوم يوم عيد ونحفظ تاريخه ١٤ فبراير ٧ أمشير.
نشكر نيافة الأنبا ايلاريون على محبته وتعبه والآباء الكهنة والكل فرحان الأراخنة والشمامسة والخدام والكل يجتهد أن يقدم عمل جميل والمهم أن تكون نفوسنا جميلة من الداخل كما هذه الكنيسة ” كل مجد ابنة الملك من داخل” كنيسة جميلة وكل مرة تدخل الكنسة تقول “أنا أريد نفسي أن تكون جميلة مثل العذراء مريم التي على اسمها الكنيسة والقديس موسى رجل التوبة” ربنا يحفظكم دايمًا ويبارك في حياتكم ونشكر كل المسئولين الذين تعبوا، وفي النهاية ربنا يفرحنا بمكان حلو، ربنا يحفظكم ويبارك في حياتكم والغد عيد دخول المسيح الهيكل وتذكار شهدائنا في ليبيا وهى قصة عظيمة في زماننا ونطلب شفاعتهم من أجلنا، ربنا يباركم دائمًا، لإلهنا كل مجد وكرامة من الأن وإلى الأبد آمين