أمضى مخلصنا له المجد هذا اليوم فى بيت عنيا فى تعليم تلاميذه وتطمينهم وانه لايتخلى عنهم ولم يذكر الكتاب انه عمل شيئا فى هذا اليوم ليشهد على انه قصد الوحدة والانفراد عن الناس وتجنب الاجتماعات كما كان يستريح خروف الفصح قبل ذبحه فى اليوم المعد له .
ترك السيد المسيح له المجد الهيكل عند مساء يوم الثلاثاء ورجع الى بيت عنيا وفى نيته عدم العودة اليه البتّه وذلك بعد ان قال لليهود ( هوذا بيتكم يترك لكم خرابا لانى اقول لكم انكم لا تروننى من الان حتى تقولوا مبارك الاتى باسم الرب) مع انه هو ربه الحقيقى .
وقد بين ذلك بسلطانه عليه قبل هذا بقوله لباعة الحمام ( ارفعوا هذه من ههنا. لاتجعلوا بيت ابى بيت تجارة فتذكر تلاميذه انه مكتوب غيرة بيتك اكلتنى ) وقد اثبت ذلك ايضا دخوله اورشليم علانية بالاحتفال العظيم ولكن حيث انه قد رُفض من اليهود رفضاً باتاً وقاطعه الرؤساء فتركهم السيد المسيح له المجد وترك المكان الذى اختاره الرب ليضع اسمه عليه الى الابد وكأنه يقول ان البيت الذى كان لى وانتم جعلتم العبادة فيه صورية ريائيه ليس هو بيتى . فاتركه لكم خرابا وذلك وفقا لما قاله الله قديما لسليمان ( ان كنتم تقبلون انتم او ابنائكم من ورائى ولا تحفظون وصاياى فرائضى التى جعلتها امامكم بل تذهبون وتعبدون الهه اخرى وتسجدون لها فانى اقطع اسرائيل عن وجه الارض التى اعطيتهم اياها والبيت الذى قدسته لإسمى انفيه من امامى. ويكون اسرائيل مثلا وهزأة فى جميع الشعوب . وهذا البيت يكون عبرة. كل من يمر علية يتعجب ويصفر ويقولون لماذا عمل الرب هكذا لهذه الارض ولهذا البيت. فيقولون من أجل انهم تركوا الرب الههم الذى اخرج اباءهم من ارض مصر وتمسكوا بالهه اخرى وسجدوا لها وعبدوها لذلك جلب الرب عليهم كل هذا الشر).
ففى هذا اليوم ( الاربعاء ) ذهب يهوذا الاسخريوطى احد التلاميذ الى رؤساء الكهنة وقال لهم ماذا تعطونى وانا اسلمه لكم فوعدوه ان يعطوه ثلاثين من الفضة تعادل ثلثمائة وثلاثين قرشا صاغا فباع سيده بهذه القيمة الدنيئة الذى احبه وانتخبه ليكون له تلميذاً وصيره أميناً للصندوق وكان هذا لكى يتم ما قيل بالنبى القائل ( ان حسن فى اعينكم فاعطونى اجرتى والا فامتنعوا فوزنوا اجرتى ثلاثين من الفضة فقال لى الرب القها الى الفخارى الثمين الكريم الذى تثمنونى به.