شاهدت اللقاء التليفزيونى الممتع الذى أجرته مع البابا تواضروس صديقتى المخرجة الموهوبة والتى أنتظر عودتها للسينما ساندرا نشأت، وذلك فى افتتاح ملتقى لوجوس الأول، داخل إطار الكنيسة الأرثوذكسية، الغرض منه التواصل مع شباب الأقباط خارج مصر لتظل الجسور ممتدة وعميقة، مع من هاجر خارج الحدود بينما لاتزال مصر تسكنه. ساندرا تمتلك مقومات مقدم البرامج الدارس للقضية التى يتناولها، وفى نفس الوقت الفاهم للجمهور وما الذى يدور فى ذهنه. اللقاء يبدو للوهلة الأولى داخل دائرة محددة، أقباط أرثوذكس، ولكن مع ساندرا اتسعت الرؤية ليجد كل منا مع اختلاف دينه أو طائفته، أنه جزء من الحوار. عرفت مصر بابا العرب (البابا شنودة)، شخصية استثنائية فى موسوعيته وخفة ظله وحضوره، فهو يمتلك أولًا وجدان الناس قبل عقولهم، بينما البابا تواضروس يخاطب العقل قبل الوجدان. تطرقت ساندرا إلى تلك الفروق التى نراها بين الطوائف المسيحية الثلاث فى العالم، الأرثوذكس والكاثوليك والبروتستانت، من الواضح أن هناك محاولات لإعادة الجميع إلى كلمة واحدة، المسيح هو (كلمة الله)، الذى أدى للفُرقة هو النظرة لطبيعة السيد المسيح عليه السلام، بشرية أم إلهية؟ تاريخيًا وحتى القرن الخامس الميلادى كانت تحكم العالم كنيسة واحدة. أى أن الأصل هو وحدة الكنيسة، وعزا البابا الأسباب إلى فروق فى اللغة والثقافة والحضارة، وأحيانًا النظرة المغايرة بين الشرق والغرب، إلا أن الوحدة كما أشار البابا قادمة حتى لو استغرقت زمنًا. توقفت أمام تحليل البابا تواضروس للخط الفاصل بين السلام النفسى وإقرار الصواب، هل نفرض الصواب على الناس حتى لو أدى ذلك إلى تهديد السلام؟ يرى البابا أنه يجب أولًا الحفاظ على السلام، وكل ما دون ذلك من الممكن أن ينتظر، والزمن كفيل بأن يمحو من النفوس البغضاء، يُطل البابا من واقع مسؤوليته الروحية على هدف أبعد، ماذا يفيد العالم لو فرضت عليه قانونًا، حتى لو كان صائبًا بينما هناك من يقاوم ويرفض، هل نضحى وقتها بالسلام أم بالصواب، الإجابة هى نضحى مؤقتًا بالصواب، لأنه سيأتى حتمًا مع الزمن، بينما لو فرضته ستفقد الاثنين: الصواب والسلام. البابا لديه إطلالات خاصة يحيلها إلى كلمات تملك وميضًا من الظلال وفيضًا من النور، (كل دول العالم فى يد الله، بينما مصر فى قلب الله)، (مصر أمها التاريخ وأبوها الجغرافيا)، ثم حديثه عن المحبات الخمس التى تصلح دستورًا لنا جميعًا، وهى حب ربنا والطبيعة والآخر والوطن والسماء. من الأسئلة التى انفردت بها ساندرا ارتداء البابا وكل الكهنة الزى الأسود، ولماذا لا يتغير إلى ألوان أخرى؟ رد البابا بأنه لون الطمى، قالت ساندرا: الطمى أفتح كثيرًا، داعبها بما معناه أن هذا هو لون الطمى الحقيقى والباقى مغشوش. تعودنا أن لقاء الشخصيات الدينية المسيحية مقنن ومحدود فى إطار لا يتجاوز الأعياد القبطية الرسمية أو لتقديم صورة (كليشيه) تشير إلى وحدة (الهلال مع الصليب)، هذه المرة شاهدنا البابا فى مساحة أخرى، ساندرا حاورته وشاغبته، أظهرت لنا وجهًا آخر للبابا يشع حضورًا وتلقائية. (الله محبة) آية فى الإنجيل تجدها فى كل البيوت المصرية وتغنت بها أم كلثوم فى (ألف ليلة وليلة)، ورددناها جميعًا بعد حوار ساندرا مع البابا.
نقلا عن
المصرى اليوم