وفى هذا اليوم تذكار الأعجوبة العظيمة التي صنعها القديس باسيليوس أسقف قيسارية القبادوقية مع غلام كان قد تعلق قلبه بابنة سيده، فزين له الشيطان عدوه وعدو الجنس البشرى أن يلتجئ إلى أحد السحرة الذي استكتبه تعهدا بجحد الإيمان والخضوع الكامل للشيطان الذي سيبلغه أمنيته. واتفق بعد ذلك أن تعلق قلب الفتاة (ابنة سيده) بمحبة الغلام. فطلبت إلى أبيها بإلحاح ألا يعترض على زواجها بهذا الغلام. وحرصا على عرضه وخوفا على حياتها زوجها منه. ولما قضت معه زمنا طويلا ورأت أنه لم يدخل الكنيسة ولم يتناول من الأسرار المقدسة ولا رشم ذاته بعلامة الصليب المقدس صارحته بارتيابها في إيمانه ومحبته لله. فاخبرها بما حدث له، وكيف أنه كتب تعهدا للشيطان بالطاعة إلى الموت. فبكت كثيرا ووبخته على صنيعه، ثم صحبته إلي القديس باسيليوس أسقف قيسارية القبادوقية، الذي لما سمع اعتراف الشاب ورأى حزنه واشتياقه إلى الرجوع إلى حياة التعبد والشركة والبر، طمأنه، وطلب إليه أن يبقى عنده زمانا للانفراد للصلاة والصوم، وبعد انقضاء ثلاثة أيام افتقده، وعلم منه ان الأرواح الشريرة لم تكف لحظة عن إزعاجه ومحاربته بشتى الطرق، فسكن لوعه وأطعمه وصلى لأجله، وطلب إليه أن يستمر في عزلته وجهاده بالصلاة والصوم، وبعد أيام أخرى. فاخبره الشاب أنه لم يعد يرى الشياطين وان كان لا يزال يسمع صراخهم وتهديدهم، فأطعمه أيضا وصلى لأجله وتركه ليعاود حياة العزلة والجهاد هكذا إلى كمال أربعين يوما. وإذ جاء إليه القديس وسأله عن حاله فاعلمه أنه قد رآه (آي القديس) وهو يقاتل عنه الشيطان وأنه قد انتصر عليه وتمت له الغلبة، فدعا الأسقف جميع الكهنة والرهبان وصلوا عليه تلك الليلة، وفي الصباح أدخله إلى الكنيسة، وبينما كان الجميع يصرخون “يا رب ارحم” سقط في وسط الجمع الكتاب الذي كان الشاب قد تعهد فيه بجحد الإيمان والخضوع للشيطان. ففرح الأسقف والشاب وزوجته وكل الشعب، وبارك الأسقف الشاب وناوله من الأسرار المقدسة، وهكذا مضى الشاب مع زوجته وهما في بهجة الخلاص وغبطة الغفران والسلام، وقد شكرا القديس الذي أنقذهما بصلاته بركة صلاته تكون معنا آمين.