تنيَّح القديس يوحنا بن الأبح، كان وزيراً للمستنصر بالله الفاطمي.
وكان عزيزاً ومكرماً جداً عنده جداً نظراً لأمانته وعلمه، فجعله وزيراً على مصر كلها.
وكان هذا الوزير متواضعاً رحوماً على كل الناس.
وحدث أن وقع في ضيقة عظيمة بسبب مكيدة أحد الأشرار، حتى أراد الخليفة أن يقطع رأسه وكان يتشفع هو وزوجته الفاضلة بالقديسة بربارة فأظهر الله الحقيقة للخليفة فعاقب صاحب المكيدة أشر عقاب وأفرج عن وزيره الأمين وزادت محبته له. ثم قال له: ” اُطلب منى أي طلب فأقضيه لك ” فقال له: ” شهوتي أن أبنى كنيسة بالقرب من بيتي أصلى فيها أنا وعائلتي وجيراني ” فصرح له ببناء كنيسة فأحضر كل ما يلزم للبناء وبكميات كبيرة وبدلاً من أن يبنى كنيسة واحدة بنى كنيستين كانتا مهدومتين، وهما كنيسة القديس أبى سرجة وكنيسة القديسة بربارة بمصر القديمة وهما متجاورتان فأكمل البناء بهدوء وجاء الأب البطريرك فكرسهما وكان فرح عظيم بين الأقباط.
سمع الخليفة أن الوزير يوحنا بن الأبح بنى كنيستين وليس واحدة كما صرح له فاستحضره وأمره أن يهدم واحدة منهما وأرسل معه الجنود والعمال بالمعاول لهدم إحدى الكنيستين. فخرج الوزير حزيناً مغموماً جداً وظل يتنقل بين الكنيستين يصلى في قلبه وهو في حيرة شديدة من هذا الأمر، وكلما ذهب إلى واحدة يجدها أجمل من الأخرى فلا يهون عليه هدمها، وظل الوزير القديس يتنقل بين الكنيستين وخلفه الجنود والعمال بمعاولهم ومن كثرة التعب والضيق والجوع والعطش بسبب الصوم خارت قواه واستند على حائط بين الكنيستين وأشار إلى من حوله أن يسقيه قليلاً من الماء ولما أحضروا له الماء وجدوه قد تنيَّح. فلما سمع الخليفة عز عليه هذا الأمر وحزن وبكى عليه كثيراً قائلاً: ” كان نعم الوزير ونعم المشير “، وأمر بترك الكنيستين دون هدم، الأولى من أجل التصريح والثانية من أجل نياحته.
وبعد أن كفنوه وصلوا عليه كما يليق دفنوه في كنيسة القديسة بربارة، وبعد الدفن نزل من السماء نور ساطع ظل على قبره مدة، حتى ظنه الناظرون أنه نار بسبب كثرة توهجه ولا يزال قبره موجوداً حتى اليوم.