تنيَّحت القديسة الطاهرة مريم في 21 طوبه وكان الآباء الرسل – ماعدا توما الذي كان مشغولاً بالتبشير في الهند – مجتمعين حول جسدها يتباركون منه، ثم قام الرسل بدفن جسدها الطاهر في القبر المعد لها في الجسمانية، ولم تنقطع أصوات التسابيح الملائكية حول القبر لمدة ثلاثة أيام، كما فاحت رائحة البخور الذكية التي عطرت المكان كله.وفي اليوم الثالث انقطعت أصوات التسابيح ورائحة البخور إذ أن الملائكة حملوا الجسد الطاهر إلى السماء دون أن يشعر الرسل بذلك.وكان الرسول توما قبل ذهابه إلى الهند قد بشر في بلاد العرب وبلاد ما بين النهرين وفارس. وبعد أن ذهب إلى الهند وأسس كنيستها أراد أن يرجع ويفتقد الكنائس التي أسسها قبلاً، وأثناء رجوعه رأى أعلى أحد الجبال مجموعة من الملائكة يطلبوا منه بصوت مسموع قائلين: ” أسرع وقَبِّل جسد والدة الإله “، فأسرع وقبله وتبارك منه وسقط الزنار الذي كان على الجسد المقدس فأسرع والتقطه ممجداً الله على هذه البركة، ثم أكمل جولته التفقدية في الكنائس، ثم رجع إلى أورشليم وطلب أن يرى القبر الذي دُفنت فيه العذراء مريم فأروه له، ولكي يُظهر عظم معجزة إصعاد الجسد الطاهر تظاهر بأنه لا يصدق أنها ماتت مثل سائر البشر وطلب أن يرى الجسد الطاهر بعينيه، فلما رفعوا الحجر لم يجدوا الجسد في القبر، فخافوا جداً واندهشوا، وأخذ توما الرسول يشرح لهم ما رآه وكيف أن الملائكة قد حملت الجسد الطاهر إلى السماء وكيف تبارك هو منه بأمر الملائكة وأراهم الزنار. عندئذ قرر الرسل الذين في أورشليم صوماً لكي يُظهر لهم الرب يسوع أمر الجسد وأين هو، واستمر الصوم أسبوعين. وفى اليوم السادس عشر من شهر مسرى ظهر لهم الرب يسوع ومعه العذراء مريم وأعلمهم أن جسد البتول الطاهرة في السماء لأن الجسد الذي حمل الله الكلمة تسعة أشهر وأخذ منه ناسوته لا يجب أن يبقى في تراب الأرض ويتحلل مثل باقي الأجساد بل يجب أن يكون محفوظاً في السماء. فكان هذا الإعلان سبب تعزية عظيمة لكل الكنيسة في أورشليم. ومجدوا الله الذي حفظ جسد والدته البتول وأحاطه بهذه الكرامة العظيمة، ولا عجب في ذلك فإذا كان موسى النبي بعد أن مكث على الجبل في حضرة الله أربعين يوماً واستلم منه لوحي العهد صار جلد وجهه يلمع (خر 34: 29 ، 30) ونال كرامة عظيمة فكم بالحري جسد العذراء الذي حمل الله الكلمة تسعة أشهر كاملة، في ذلك يقول معلمنا بولس الرسول: ” إن كانت خدمة الموت المنقوشة بأحرف في حجارة قد حصلت في مجد حتى لم يقدر بنو إسرائيل أن ينظروا إلى وجه موسى لسبب مجد وجهه الزائل فكيف لا تكون بالأولى خدمة الروح في مجد. لأنه إن كانت خدمة الدينونة مجداً فبالأولى كثيراً تزيد خدمة البر في مجد ” (2كو 3: 7 – 9).وبسبب هذا المجد الذي ناله موسى دفنه الله بنفسه في جبل نبو وكلف الملاك ميخائيل بحراسة الجسد حتى لا يعثر عليه بنو إسرائيل ويعبدوه.فإذا كان الله قد اهتم بجسد موسى كل هذا الاهتمام فكم بالحري يكون اهتمامه بجسد أمه العذراء بعد نياحتها فيحضر بنفسه لاستقبال روحها ويكلف ملائكته بحمل جسدها الطاهر إلى السماء.شفاعة القديسة الطاهرة مريم فلتكن معنا. آمين.