استشهد القديس العظيم الأنبا أمونيوس أسقف مدينة إسنا.
كان منذ حداثته حَسن السيرة كثير الفضائل رسمه البابا بطرس خاتم الشهداء أسقفاً على مدينة إسنا ولرغبته الشديدة في الوحدة بنى ديراً على حافة الجبل الغربي بجوار عين ماء، وأعد مغارة كان يقيم فيها طوال الأسبوع، ثم ينزل يوم السبت إلى المدينة ليصلى مع الشعب قداس الأحد، فيعظهم ويعلمهم ويقضى معهم أيضاً يوم الاثنين يحل مشاكلهم ويدبر أمورهم، ثم يعود إلى مغارته مداوماً على النسك والعبادة.
ذهب إريانوس والي أنصنا إلى الصعيد ليضطهد المسيحيين ويأمرهم بعبادة الأوثان فظهر ملاك الرب للقديس أمونيوس في مغارته وقال له: “الرب قبل صلواتك عن شعبك وهيأ لهم الأكاليل فقم انزل وثبتهم على الإيمان بالسيد المسيح”، فنهض القديس ونزل وجمع الشعب وأخبرهم بالرؤيا وشجعهم بكلامه الروحي، فصاح الجميع: “نحن يا أبانا على استعداد أن نتحمل من أجل السيد المسيح كل عذاب حتى الموت”. وكان في ذلك اليوم عيد القديس إسحاق الذي باسمه الدير الموجود في الجبل، فصعد القديس أمونيوس بشعبه كله إلى جبل أغاثون الذي تفسيره جبل الصلاح، واحتفل هناك بالعيد.
رحل إريانوس من أرمنت إلى إسنا فلم يجد فيها أحداً، فعرف أن الأسقف مع شعبه في جبل أغاثون، فمضى إلى هناك، وكان يقتل كل من يصادفه في طريقه، ثم قبض على الأنبا أمونيوس وأخذه معه إلى أسوان ثم إلى أنصنا، حيث سلّمه إلى هرقس قائد الجند الذي عذّبه كثيراً، ولما وجده متمسكاً بإيمانه أمر الوالي بحرقه حياً، فطلب القديس مهلة ليصلى، وبعد أن صلى طرحه الجنود في النار ففاضت روحه الطاهرة. وبعد أن انطفأت النار أخرجوا الجسد الطاهر فوجدوه سليماً، فكفَّنوه بأكفان حسنة، ودفنوه بمدينة أنصنا.
وفي عهد الإمبراطور قسطنطين بنوا له كنيسة في جبل إسنا وذهبوا إلى أنصنا ليحملوا الجسد ويضعوه في كنيسته، فلم يستطيعوا حمله من مكانه، وسمعوا منه صوتاً يقول: “هذا هو الموضع الذي اختاره لي الرب”، فعرفوا أن هذه هي إرادة الله فتركوه ورجعوا يمجدون الله.