قضت محكمة الجنح المستأنفة بالإسماعيلية بتأييد الحكم الصادر من محكمة جنح ثالث الإسماعيلية الجزئية، في القضية رقم 490 لسنة 2022 جنح قسم ثالث الإسماعيلية، والقاضي بحبس القبطى يوسف هاني حلمي سنة مع الشغل عن الاتهام باستغلال الدين في الترويج لأفكار متطرفة لازدراء الدين الإسلامي والتعدي عليه، وذلك على خلفية سجال ديني مع إحدى المواطنات على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك.
كانت محكمة جنح الإسماعيلية قد أصدرت حكمًا غيابيًا بحبس المتهم يوسف هاني ثلاث سنوات مع الشغل، قبل أن تجري معارضة الحكم، حيث خفضت العقوبة إلى الحبس سنة مع كفالة عشرة آلاف جنيه.
وفقا لحديث والد المتهم لمحاميي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، فقد توجه نجله يوسف هاني، الطالب بالفرقة الثانية بكلية الآداب جامعة قناة السويس إلى مقر الأمن الوطني في الإسماعيلية في 10 نوفمبر 2020. وهناك قضي
- يومًا كاملًا دون تحقيق أو عرض على النيابة، حتى تم عرضه في اليوم التالي بناء على محضر جاء فيه أنه تم إلقاء القبض عليه من منزله. وتم استجواب المتهم داخل مديرية أمن الإسماعيلية، قبل إحالته إلى النيابة العامة حول
آرائه ونشاطه، على خلفية قيام مجموعة من الأشخاص باقتطاع “سكرين شوت” لتعليقات المتهم، دون التعليقات الأخرى، وتم تداولها على صفحات التواصل الاجتماعي، ثم تقديم بلاغات إلى النيابة العامة تطالب بمحاكمة يوسف هاني.
وقتها أصدرت النيابة العامة بيانًا جاء فيه إن “وحدة الرصد والتحليل بمكتب النائب العام رصدت تداولًا واسعًا بمواقع التواصل الاجتماعي لصورة من محادثة نصية منسوبة لشخص مقيم بمحافظة الإسماعيلية
تشكل جريمة ازدراء الدين الإسلامي بالإساءة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعرض الأمر على المستشار النائب العام أمر بالتحقيق العاجل في الواقعة التي قيدت برقم 4165 لسنة 2020 إداري ثالث الإسماعيلية.
وأمرت نيابة الإسماعيلية الكلية بحبس يوسف هاني، أربعة أيام على ذمة التحقيقات في وقائع اتهامه بازدراء الدين الإسلامي والتطاول على النبي محمد. كما صدر قرار بحبس فتاة تدعى ندى محمود متهمة في ذات الواقعة بازدراء الدين المسيحي أربعة أيام على ذمة التحقيقات، بحجة المشاركة في السجال الديني.
- وبتاريخ 14 نوفمبر 2020، أصدر قاضي المعارضات بمحكمة الإسماعيلية، قرارًا بإخلاء سبيل كل من يوسف هاني وندى محمود، بعد تقديمهما اعتذارًا أمام المحكمة، وتأكيدهما احترام كافة الأديان.
وللمفارقة، تضمنت مذكرة الرأي من قِبَل النيابة العامة استبعاد المتهمة الثانية من القضية، كما أفادت بخصوص باقي الحسابات أنها لم تتمكن من تحديد هوية مستخدميها أو الوصول إليهم، وجرى إحالة يوسف هاني فقط للمحاكمة.
وفي 3 فبراير 2022 قيدت الأوراق جنحة بالمادتين 98(و) و171/5من قانون العقوبات، وجاء في أمر الإحالة “إنه بتاريخ 10 نوفمبر 2020 بدائرة قسم الاسماعيلية استغل المتهم الدين في الترويج بالكتابة
والنشر عبر البث العلني على شبكة المعلومات الدولية، لأفكار متطرفة، بقصد إثارة الفتنة وتحقير وازدراء أحد الأديان السماوية، والإضرار بالوحدة الوطنية، بأن اتخذ من الشريعة الإسلامية
منطلقا للترويج للتحاور والبث على الشبكة الدولية للمعلومات، بأفكار متطرفة، تقوم على سب الرسول والنيل من كرامته، وعصمته وأخلاقه الشريفة، وسب المنتمين إلى الدين الإسلامي والسخرية
منهم، بقصد إثارة الفتنة، وتحقير وازدراء الدين الإسلامي”. ثم قدمت القضية لمحكمة الجنح بالإسماعيلية، التي أصدرت حكمها غيابيا على المتهم بالحبس 3 سنوات قبل أن تتم معارضته كما سبق الإشارة.
يأتي هذا الحكم في سياق ملاحقة واحتجاز ومحاكمة عدد كبير من المواطنين بسبب التعبير عن الرأي في موضوعات تتصل بطبيعة الأديان أو المقارنة بينها. على سبيل المثال قضت المحكمة
الاقتصادية بمحافظة القاهرة دائرة الجنح يوم السبت 29 يناير 2022 في القضية رقم 121 لسنة 2022 (جنح مالية) المقيدة برقم 69 لسنة 2022، ضد ماركو جرجس صليب شحاتة بالحبس خمس سنوات مع الشغل
والنفاذ ومصادرة هاتفه المحمول، وإلزامه بالمصاريف الجنائية. وذلك على خلفية ما أسند إليه من تهم هي: استغلال الدين في الترويج ﻷفكار متطرفة، ازدراء الدين الإسلامي، التعدي على قيم اﻷسرة المصرية.
في حين أصدرت دائرة فحص طعون التأديب بالمحكمة الإدارية العليا، خلال سبتمبر الماضي حكماً برفض الطعن المقام من الدكتورة منى برنس، المدرس بقسم اللغة الإنجليزية بكلية التربية بجامعة السويس، وأيدت الحكم الصادر من محكمة القضاء
الإداري، بعزلها من وظيفتها مع استحقاقها للمعاش أو المكافأة لارتكاب ما اعتبرته المحكمة نشر أفكار هدامة تخالف العقائد السماوية والنظام العام، لما ألقته على الطلاب بأقوالها في المحاضرات “بالطعن فى ثوابت الدين”، وفقا لنص الحكم.
تؤكد المبادرة المصرية للحقوق الشخصية على أن العديد من النصوص العقابية تتضمن عبارات غير منضبطة، غامضة، وفضفاضة ومنها المادة 98 (و) من قانون العقوبات (ازدراء اﻷديان). كما تدين المبادرة المصرية ملاحقة المواطنين الذي يعبرون
عن أفكار دينية مختلفة عن الأفكار السائدة في المجتمع أو تتبناها الدولة وتدعو إلى ضمان حرية العقيدة وحرية التعبير كحقوق يكفلها الدستور، وتدعو فورًا إلى وقف محاكمات “ازدراء الأديان” وفق المادة 98 (و) من قانون العقوبات.