«أفضل من نبى» للانبا أرميا

و«عيدالغطاس» هو عيد سيدى كبير لأنه يختص بشخص السيد المسيح، إذ فى ذلك اليوم قبِل «المعمودية» من يد النبى «يوحنا المَعمَدان» فى نهر الأردن. وقد جاءت رسالة «يوحنا المَعمَدان» مناديةً بالتوبة والعودة إلى الله، فى زمن ازدادت ظلمة الشر وصارت الخطية منتشرة: «وفى تلك الأيام جاء يوحنا المعمدان يَكرِز فى برية اليهودية قائلاً: «توبوا، لأنه قد اقترب ملكوت السماوات…». خدم «يوحنا المَعَمدان» خدمة قوية مؤثرة، حتى إنه استطاع أن يعيد كثيرين تائبين إلى الله: «حينئذ خرج إليه أورشليم وكل اليهودية وجميع الكورة المحيطة بالأردن، واعتمدوا منه فى الأردن، معترفين بخطاياهم». ولم تقتصر رسالة «يوحنا المَعَمدان» على مجرد دعوة الشعب إلى التوبة والإقرار بخطاياهم، بل طالبهم بأعمال الخير والإحسان لئلا يأتى عليهم غضب الله ويَهلِكوا: «يا أولاد الأفاعى من أراكم أن تهربوا من الغضب الآتى؟ فاصنعوا أثمارًا تليق بالتوبة. ولا تفتكروا أن تقولوا فى أنفسكم: لنا إبراهيم أبًا. لأنى أقول لكم: إن الله قادر أن يقيم من هذه الحجارة أولادًا لإبراهيم. والآن قد وُضعت الفأس على أصل الشجر، فكل شجرة لا تصنع ثمرًا جيدًا تُقطع وتُلقى فى النار…». وقد استطاع «يوحنا المَعمَدان» أن يؤثر فى كل طبقات الشعب حتى «هيرودُس الملك» نفسه الذى قيل عنه: «كان يهاب يوحنا عالمًا أنه رجل بار وقديس، وكان يحفظه. وإذ سمِعه، فعل كثيرًا، وسمِعه بسرور».

و«يوحنا المَعمَدان» هو من تنبأ عنه «ملاخى النبى»: «هأنذا أرسل ملاكى فيهيئ الطريق أمامى»، وهو من بشَّر الملاكُ بولادته قائلاً: «لا تخَف يا زكريا، لأن طلبتك قد سُمعت، وامرأتك أليصابات ستلد لك ابنًا وتسميه يوحنا. ويكون لك فرح، وكثيرون سيفرحون بولادته، لأنه يكون عظيمًا أمام الرب… ويرُدّ كثيرين من بنى إسرائيل إلى الرب إلههم. ويتقدم أمامه بروح إيليا وقوته، ليرُد قلوب الآباء إلى الأبناء، والعصاة إلى فكر الأبرار، لكى يهيئ للرب شعبًا مستعدًّا». وعند ولادته تنبأ عنه «زكريا النبى»: «وأنت أيها الصبى نبى العَلِى تُدعى، لأنك تتقدم أمام وجه الرب لتُعد طرقه. لتُعطى شعبه معرفة الخلاص بمغفرة خطاياهم». لذلك يُدعى «يوحنا المَعمَدان» بـ«السابق الصابغ» إذ سبق «السيد المسيح» بالجسد فى خدمته ليُعد قلوب الشعب، أما «الصابغ» فلأنه كان يُعمِّد بالماء للتوبة. وعاش «يوحنا المَعمَدان» حياة الزهد فى البرّية حتى يوم ظهوره للشعب ومناداته بالتوبة: «أما الصبى فكان ينمو ويتقوى بالروح، وكان فى البرارى إلى يوم ظهوره لإسرائيل».

و«يوحنا المَعمَدان» هو من شهِد عن «السيد المسيح» بأنه «حَمَل الله»: «وفى الغد نظر يوحنا يسوع مقبلاً إليه، فقال: «هوذا حمل الله الذى يرفع خطية العالم! هذا هو الذى قلت عنه: يأتى بعدى، رجل صار قدامى، لأنه كان قبلى»، كذلك أعلن: «لستُ بمستحق أن أحُل سيور حذائه». وحين جاء «السيد المسيح» ليعتمد من «يوحنا المَعمَدان»، منعه قائلاً: ««أنا محتاج أن أعتمد منك وأنت تأتى إلى!» فقال يسوع له: «اسمح الآن، لأنه هكذا يليق بنا أن نكمّل كل بِر».. وحين اعتمد «السيد المسيح» شهِد «يوحنا»: «إنى قد رأيت الروح نازلاً مثل حمامة من السماء فاستقر عليه». وكان صوت من السماء قائلاً: «أنت ابنى الحبيب، بك سررتُ». ولم يكُن «السيد المسيح» محتاجًا إلى معمودية التوبة، فهو من قال: «من منكم يبكتنى على خطية؟»، لكنه اعتمد كى يكمّل كل بِر عن الإنسان.

وهٰذا استحق «يوحنا المَعمَدان» شهادة «السيد المسيح» له بأنه «أعظم مواليد النساء»، و«أفضل من نبى». كل عام وجميعكم بخير. و… والحديث فى «مصر الحلوة» لا ينتهى!.