2- فى ذكراه .طلعت جاد الله يتذكر عن البابا شنودة حين قال لمبارك”كان الموت قريب منك ولكن يد الله كانت اقرب ” وعن لقاءات مع غالى وميتران وعرفات
فى ذكرى العملاق قداسة البابا شنودة الثالث البابا117 فى سلسلة باباوات الكنيسة القبطية والذى شرفت بالعمل بجواره لسنوات , عايشت فيها احداث هامة كثيرة على المستوى العام والكنسى وبالفعل كان مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عملاق القيمة والقامة على كل المستويات وبكل المقاييس .
وسأكتفى فى حديثى هذا ببعض الاحداث التى اعتبرها بشكل شخصى ذات اهمية فى فترة وجودى بجوار قداسته وبالطبع احداث قليلة .
اولا: ماوراء حديث البابا شنودة فى وجود الرئيس الراحل مبارك وكبار مشايخ مصر
——————————————————————————-
فى واقعة محاولة الاغتيال الاثمة التى تعرض لها الرئيس الراحل حسنى مبارك فى اديس ابابا كان الشعب المصرى يتابع هذه الواقعة بكل ترقب واذكر ان المركز الاعلامى الذى كنت شرفت بتأسيسة ورئاسته كان يقدم تفاصيل عبر الساعة لقداسته وكان مثلث الرحمات يتابع الموضوع بكل “قلق” وكل خوف على حياة رئيس مصر وكان يصلى من اجل حياته, اذ كان يصف الرئيس مبارك “بالحكمة وعفة اللسان واحترام اقدار الجميع ” .
وحين وصل الرئيس مبارك الى ارض الوطن بسلامة الله بدأ التليفزيون المصرى فى بث مشاعر المصريين عن هذه الواقعة , واذكر فى ظهر اليوم هاتفنى رئيس قطاع الاخبار بالتليفزيون المصرى محمد الوكيل حينذاك طالبا موعد سريع لنقل مشاعر قداسة البابا شنودة الى الشارع المصرى وتجرى ان يكون عاجلا حتى يتواكب مع بث اخر يتفق عليه مع فضيلة شيخ الازهر حينذاك ” الشيخ جاد الحق على جاد الحق ” , وبالفعل تواصلت مع قداسته وحدد موعد بعدها بساعتين وارسل التليفزيون المصرى احد مذيعات قطاع الاخبار وسجلت مع قداسة البابا نحو 30 دقيقة اذيعت على الفور وكانت مليئة بالمشاعر الوطنية الفياضة فى حب مصر والرئيس الراحل مبارك ومكانتها وقيمة رجال القوات المسلحة المصرية .
وبعد اذاعة هذا الحوار فوجئت بالاستاذ عادل مجاهد رئيس قطاع الاعلام والعلاقات بوزارة الاوقاف حينذاك يهاتفنى بان وزير الاوقاف “محمد على محجوب “حينذاك وكان محبوبا لدى البابا شنودة الثالث وله علاقة مميزة بقداسته يريد ان يهاتفنى فورا وبالفعل تحدث لى قائلا ” انا عايز اجى فورا لقداسة البابا علشان نعمل موقف موحد للمؤسسات الدينية الاسلامية والمسيحية المصرية تجاه نجاة الرئيس ” وبالفعل حين عرضت على قداسته امر المقابلة وافق على الفور وحضر وزير الاوقاف الدكتور محجوب عصر اليوم والتقى مثلث الرحمات واتفق على ان تقوم وزارة الاوقاف بتنسيق لقاء علنى مع الرئيس مبارك شاهده الشعب المصرى كله وتكفل وزير الاوقاف بكل الاتصالات ومنها ان يقوم بدعوة الشيخ محمد متولى الشعراوى مع شيخ الازهر جاد الحق على جاد الحق ومفتى الجمهورية حينذاك الدكتور محمد سيد طنطاوى الذى كان يتمتع بعلاقة مودة طاغية مع مثلث الرحمات البابا شنودة .
ورغم ان مثلث الرحمات كان متابعا دقيقا للحدث الاانه طلب منا ان نجمع كل مانشر خارج مصر وداخلها عن نجاة الرئيس مبارك , وعكف على قرائتها ليعدكلمة عميقة جدا وموجزة جدا لان كلا من هذه الشخصيات له 3 دقائق فقط للحديث امام الرئيس وقد كانت كلمة قداسته امام الرئيس الراحل مبارك وامام الشيوخ والكهنة فى قصر الرئاسة وعلى الهواء مباشرة فى منتهى القوة والتأثير واحدثت دويا هائلا فى الشارع المصرى ومردودا رائعا لدى الرئيس الراحل مبارك وعبارته الشهيرة فيه ” كان الموت قريبا منك ولكن يد الله كانت اقرب ” وبشكل شخصى اعتقد انها غيرت مسار العلاقة بين البابا والرئيس الى الافضل جدا .
ثانيا: البابا شنودة الثالث وزيارة بطرس غالى الامين العام للامم المتحدة :
———————————————
يعلم كل من كان على صلة جيدة بمثلث الرحمات البابا شنودة , ان قداسته كان متأثرا جدا حين شاهد بطرس غالى فى خطاب الرئيس الراحل السادات فى 5 سبتمبر 1981 والذى اعلن فيه الغاء القرار الجمهورى بتعيين البابا شنودة الثالث بابا الكنيسة وشوهد الدكتور بطرس غالى يصفق مع الحضور فى المجلس على هذا القرار وكان البابا متأثرا من هذا المشهد ولكنه صاحب صدر واسع ومقدر للامور ولكنه لم يجعل هذا الامر سدا فى علاقاته مع غالى وحين بدأ سعى مصر لترشيح الدكتور بطرس غالى امينا عاما للامم المتحدة بذلت الكنيسة برئاسة البابا جهودا فى المشاركة فى تأييد كثير من الدول لهذا الترشيح وحين اعلن فوز الدكتور بطرس غالى لهذا المنصب هنأه البابا شنودة الثالث , وفوجئنا قبل عيد الميلاد التالى لفوز الدكتور بطرس غالى بالمنصب ان الخارجية المصرية تخطرنا بعزم الدكتور غالى حضور صلاة العيد الذى يرأسه البابا شنودة الثالث وبالفعل فؤجئنا باجراءات غير مسبوقة فى محيط الكاتدرائية المرقسية بالعباسية وحضور امن الامم المتحدة باعداد كبيرة لتأمين الدكتور غالى فى القداس وشرفت بان يسند لى قداسته استقباله
ثالثا: اللقاء مع الرئيس فرانسوا ميتران فى باريس
——————————————–
من اللقاءات التى عايشتها مع مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث لقاء الرئيس الفرنسى الراحل فرانسوا ميتران وكانت زيارة البابا شنودة الثالث لفرنسا هذه المرة شاملة عدة محاور منها تدشين كنيسة العدرا ومارمرقس بشاتنية ورئاسة حوار اسلامى مسيحى نظمه الدكتور على السمان رئيس مؤسسة الحوار بين الاديان , وللحقيقة فان السفير المصرى حينذاك السفير على ماهر كان مرحبا بشكل شديد بقداسة البابا شنودة من ساعة وصوله باريس والوفد المرافق له الى ساعة مغادرته كان ملىء بالترحاب والمودة , وكان المتنيح القمص جرجس لوقا اقدم كهنة باريس قد نظم كل فاعليات الرحلة بشكل دقيق ورائع عكس اهميته فى الدولة الفرنسية وكان الوفد يضم كثيرين منهم المتنيح الانبا بيشوى مطران كفر الشيخ وسكرتير المجمع المقدس حينذاك الانبا ويصا مطران البلينا والانبا سرابيون مطران لوس انجيلوس الحالى وكلا من الانبا ميصائيل والانبا رويس والمتنيح الانبا غناطيوس اسقف البحر الاحمر السابق وكان ذروة الزيارة هى استقبال الرئيس الفرتسى فرانسوا ميتران لقداسة البابا شنودة الثالث وقد حضر الزيارة المطران الانبا بيشوى وحضرتها ايضا وشاهدت كيف خرج الرئيس الفرنسى لاستقبال البابا شنودة الثالث على سلالم قصر الاليزيه بفرنسا , واذكر اننى قدمت بحثا فى جلسات الحوار الاسلامى المسيحى على هامش الزيارة
رابعا: استقبال الامير تشارلز وحوار الحضارات :
—————————————-
من اللقاءات الهامة التى عايشتها مع مثلث الرحمات البابا شنودة هو استقبال الامير تشارلز ملك انجلترا الحالى والذى كان يقام له مراسم استقبالات رئاسية وقد سبق زيارته ان تسلمت جهات الدولة البطريركية بالكامل لتأمين هذه الزيارة ولم يكن موجودا بها سوى البابا وسكرتارية الاباء وقد كنت حاضرا حيث تم اللقاء فى مكتب قداسته وكان محور الحوار من قبل الامير تشارلز عن تنوع الحضارات والحياة المشتركة وقد كان قداسته شغوف بحديث الامير تشارلز وتحدث له عن القيم المشتركة فى مصر ثم اصطحبه قداسته وشاهد الكاتدرائية المرقسية
خامسا: البابا شنودة و لقاء القدس :
——————————————
البابا شنودة كان مناصرا دوما لقضية القدس وكان من اصدقاء الرئيس الفلسطينى الاسبق ياسر عرفات وقد ارسلت لنا جامعة الدول العربية تدعو مثلث الرحمات البابا شنودة لالقاء كلمة فى جلسة لجامعة الدول العربية لمناصرة قضية القدس وقد لبى قداسته الدعوة , ومثل كل عمل يقدم عليه قداسته كان يستعد لما يدعى اليه بكل قوة وجدية , وقد طلب منى قداسته انتقاء احدث الكتب التى تناولت اخر تطورات قضية القدس واحدث مانشر عن الاوضاع فيها بعد اتفاقية غزة اريحا وبالفعل استحضرت لقداسته اخر مانشر وكنت مندهشا من طلب قداسته هذا لانه يعرف تفاصيل الاوضاع من خلال مقابلاته الدائمة للرئيس عرفات الذى كان يضع زيارته للبابا شنودة فى اولويات اجندات زيارته لمصر بل كان يستقبل قداسته كثير من المفكرين الفلسطينيين المهتمين بشأن الاوضاع فى القدس وكان يطلق عليه بابا العرب من فرط مناصرته لقضية القدس .
وفى يوم اللقاء امتلات القاعة الرئيسية لجامعة الدول العربية وكان على رأس الحضور الرئيس ياسر عرفات والدكتور احمد عصمت عبد المجيد الامين العام لجامعة الدول العربية والسيد احمد الغابد الامين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامى وحضرها سفراء الدول العربية فى القاهرة وكبار الفنانيين والمثقفين والمفكرين وحظيت الكلمة بالتصفيق لمرات عديدة حيث ابهر الجميع وكانت عبارته الشهيرة ان اسرائيل ليس شعب الله المختار فالله لاينحاز لجزء من خليقته
لقد كان مثلث الرحمات البابا شنودة عملاق القيمة والقامة ولذلك كان تاريخه محفورا فى الوجدان وكان مؤثرا ليس على الاقباط فقط بل على كل من عرفه والتقى به وتحدث اليه وسمع كلاماته
وللحديث بقية