استكمل قداسته سلسلة “طرق تقديم المحبة”، وتناول جزءًا من الأصحاح الثامن عشر في إنجيل معلمنا متى، والأعداد (٢٣ – ٣٥)، وتأمل في “كيف استخدم السيد المسيح لغة الحب وعبّر عنها باللمسات الرقيقة”، من خلال مثليْن في الكتاب المقدس، وهما: مَثَل الابن الضال في إنجيل لوقا والأصحاح الخامس عشر ، ومَثَل العبد الذي لا يغفر في إنجيل متى والأصحاح الثامن عشر، كالتالي:
– الابن الضال ظنَّ أن النعمة الموجود بها هي سجن، وهذا الظن هو ما تفعله الخطية بالإنسان، ثم بعد أن بدد أمواله بدأ الدافع لديه في العودة لأبيه، لأنه يثق في حنو أبيه، “وَإِذْ كَانَ لَمْ يَزَلْ بَعِيدًا رَآهُ أَبُوهُ، (فَتَحَنَّنَ) وَرَكَضَ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ” (لو ١٥: ٢٠).
– العبد الذي لا يغفر كان قاسيًا على زميله، بينما سيد العبد ترك له دينه، “فَتَحَنَّنَ سَيِّدُ ذلِكَ الْعَبْدِ وَأَطْلَقَهُ، وَتَرَكَ لَهُ الدَّيْنَ” (مت ١٨: ٢٧)، وهذا العبد لم يترك الدين لزميله ويسامحه، “وَلَمَّا خَرَجَ ذلِكَ الْعَبْدُ وَجَدَ وَاحِدًا مِنَ الْعَبِيدِ رُفَقَائِهِ، كَانَ مَدْيُونًا لَهُ بِمِئَةِ دِينَارٍ، فَأَمْسَكَهُ وَأَخَذَ بِعُنُقِهِ قَائِلًا: أَوْفِني مَا لِي عَلَيْكَ” (مت ١٨: ٢٨).
وأوضح قداسة البابا أن مَثَل العبد الذي لا يغفر ينقل لنا الحقيقة وكيف يتجبر الإنسان ويكون قاسيًا مع الآخر أحيانًا، لذلك وضع لنا الله في الصلاة الربانية “وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَيْضًا لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا” (مت ٦: ١٢)، والمعادلة هنا بين ثلاث أطراف: الله وأنت والآخر، “فَهكَذَا أَبِي السَّمَاوِيُّ يَفْعَلُ بِكُمْ إِنْ لَمْ تَتْرُكُوا مِنْ قُلُوبِكُمْ كُلُّ وَاحِدٍ لأَخِيهِ زَلاَتِهِ” (مت ١٨: ٣٥)، فالإنسان كما يغفر لأخيه الإنسان ويسامحه هكذا الله يفعل معنا بنفس المقدار، وهنا الغفران هو مبدأ للحياة على الأرض وكذلك هو مرتبط بالسماء.
ووضع قداسته مقارنة بين المثليْن، كالتالي:
– مشاعر الأب الحنون الذي سامح ابنه الذي بدد أمواله، والسيد الحنون الذي سامح العبد وترك له الدين.
– اللمسات الرقيقة لدى الأب “فَتَحَنَّنَ وَرَكَضَ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ” (لو ١٥: ٢٠)، لذلك الابن الضال برغم أنه فقد كل شيء إلا أنه لم يفقد الرجاء في أبيه، والسيد فعل الأمر ذاته مع العبد “فَتَحَنَّنَ سَيِّدُ ذلِكَ الْعَبْدِ وَأَطْلَقَهُ، وَتَرَكَ لَهُ الدَّيْنَ” (مت ١٨: ٢٧).
– الجانب المظلم في مثل الابن الضال كان في أخيه الأكبر القاسي الذي رفض دخول البيت والمشاركة في فرحة عودة أخيه، بل وعاتب أبيه وشوَّه صورة أخيه، وكذلك العبد الذي لا يغفر عندما رفض زميله وكان قاسيًا معه ووضعه في السجن.