من أمريكا
vlxxviet.net dude sucking huge black cock at the pool by guydestroyed. keisha grey in awesome pov video. site anybunny.cc

fxxx.club hot girls sucking cock and fucking.
hqsexvideos.net
http://pornpals.club/

تذكار نياحة القمص بيشوي كامل ١٩٧٩ ( ٢١ مارس – ١٢ برمهات )

١. نشأته
كان من المعتاد أن يذهب الولد إلى المدرسة في السابعة من عمره. وفي هذا السن التحق سامي بالمدرسة الابتدائية حيث قضى أربع سنوات، ومنها إلى المرحلة الثانوية لخمس سنوات – وقد اختار شعبة العلوم. ثم دخل كلية العلوم بجامعة الإسكندرية حيث نال البكالوريوس بتفوق في يونيو سنة ١٩٥١ومع صغر سنه فقد عيّنته وزارة التربية والتعليم مدرسًا للعلوم في مدرسة الرمل الثانوية للبنين. على أن رغبته في التعلم جعلته يلتحق بقسم التربية وعلم النفس فحاز فيها الماجستير سنة ١٩٥٢ – وكان الأول.
وحين كان في السابعة عشر من عمره، وهو مازال في الجامعة، بدأ الخدمة في التربية الكنسية الملحقة بكنيسة السيدة العذراء بمحرم بك. ولكنه كان ضمن الذين يُقال عنهم: ومتى كانت النفوس كبارًا تعبت في مرامها الأجسام، لأنه استمر في الدراسة حتى بعد ما اشتغل. فالتحق بالقسم العالي لدراسة التربية وعلم النفس مستكملاً دراسته الأولى فيها فنال الدبلوم، وكالمعتاد كان الأول بين الخريجين. وظل عطشانًا إلى المعرفة فحصل على الليسانس في الفلسفة من كلية الآداب بالإسكندرية سنة ١٩٥٤.
على أن كل هذه الدراسات لم تشبع تطلعاته الداخلية للروحيات. فدخل الكلية الإكليريكية ودأب على الدراسة إلى حد أنه تخرج منها سنة ١٩٥٦ بتفوق. وفي السنة عينها انتُخب الأمين العام لجماعة خدام الكنيسة.
وفي بداية العام الدراسي لسنة ١٩٥٧ عُين مدرسًا مساعدًا بالمعهد العالي للتربية في الإسكندرية – وهو معهد تابع لوزراة التربية والتعليم. وهكذا استمر ينمو في النعمة والحكمة والقامة الروحية يومًا بعد يوم.
٢. رسامته
ولقد اشتغل سامي كامل في الحكومة وفي الكنيسة جنبًا إلى جنب: فكان في الأولى مهنته، وفي الثانية هوايته. فأدى العملية بالهمة عينها والغيرة ذاتها وبالإخلاص المتماثل.
ثم حدث في مساء الأربعاء ١٨ نوفمبر سنة ١٩٥٩ أنه استصحب فصله لمدارس التربية الكنسية إلى الدار الباباوية لينالوا بركة البابا الكبير. وما أن قبَّل يديه حتى فوجيء بأنه سيُرسم كاهنًا بعد أربعة أيام… وحين قصد إلى بيت زميليه فايز وجورج باسيلي ليطلب من والديهما يد أختهما أنجيل فرحا به فرحًا عظيمًا وقالا لأبويهما إن سامي كامل ذو نقاء ملائكي. وأقيمت الشعائر القدسية التي رفعته إلى القس بيشوي صباح الأربعاء ٢٢ هاتور، ٢ ديسمبر سنة ١٩٥٩ بدلاً من يوم الأحد ٢٩ نوفمبر الذي كان محددًا من قبل ذلك لأنه حتى ذلك التاريخ لم يكن قد تم بعد تجهيز المذبح الذي سيُرشم عليه. وعملاً بتقاليد الكنيسة القبطية قصد إلى دير السيدة العذراء للسريان حيث قضى أربعين يومًا.
٣. شخصيته
وقبل مسايرة أبينا بيشوي في كرامته الجديدة نبني نفوسنا بالتأمل في شخصيته. وفي تأملنا هذا نجد أن الآب السماوي قد أعده إعدادًا تامًا شاملاً. فقد منحه التفوق في العلوم والآداب وفي التربية وعلم النفس وفي الفلسفة. وفوق هذا كله هيأ له الفرصة لخدمة الكنيسة وللدراسة الإكليريكية. على أن الأهم من هذا كله ملأه محبة للملكوت؛ وميّزه بقلب نقي مستقيم ملتهب بمحبة عارمة: قلب وديع متواضع وفي الوقت عينه باسل جسور كانت عيناه تلمعان ببريق جذاب، وتتزين شفتاه بابتسامة رقيقة لا تفارقهما إطلاقًا. وكان في مقدوره أن يستشف احتياجات الناس قبل أن يتلفظوا بها فيسارع إلى خدمتهم قبل أن يطلبوها. كانت إمكانياته الروحية تتخطى الحدود والفضاء وتتراكض إلى ما وراء الجنس واللون. كانت الأرض وملؤها في نظره للرب، وكانت الناس والمخلوقات كلها محبوبة منه. ألم يرها الخالق – حين أبدعها – أنها حسنة؟
وحين نال الكرامة الكهنوتية تقبلها برقة واتضاع. فتعريفه للكاهن أنه شهيد محبة في كنيسته: شهيد يمنح حياته لخدمة شعبه، يتعب ويعرق يجاهد ويتألم ويسير مع كل واحد الميل الثاني برضى وطاعة وتنفيذًا لقول رب المجد “من سخرك ميلاً فاذهب معه اثنين” وفسر هذه الآية بقوله: “إن الميل الأول هو اضطرار بل هو سخرة. أما الثاني فمعطي محبة وفرحًا وخضوعًا للسيد المسيح”.
وبهذه المزايا وجد كل من تعامل معه أنه تلميذ مخلص وفي للمسيح؛ وأنه راعٍ يأخذ باستمرار من الله ليعطي للناس.
٤. البداية
وكان عمله الأول هو أن يحوِّل السقيفة التي تسلَّمها إلى مبنى يليق بأن يكون بيتًا لله. وهذا عمل شاق من غير شك. ولكن إيمان أبينا بيشوي بلغ من الرسوخ ما جعله يرفض أن يطلب أي مال. بل لقد رفض أن يجعل أي إنسان يمر بطبق على المصلين.
واكتفى بأن يضع في زوايا السقيفة صناديق صغيرة من الخشب مؤكدًا أن فيض الله سيغمرهم! ويكفي القول للساخرين والمتشككين أن المال الذي جمعه بهذه الكيفية الصامتة بنى به كنيسته ثم بنى به ٦ كنائس أخرى هي:
١. كنيسة باسم الشهيد مارجرجس في الحضرة
٢. كنيسة تحمل اسم القديس الأثيوبي تكلا هيمانوت بالإبراهيمية
٣. كنيسة باسم رئيس جند السمائيين الملاك ميخائيل بمصطفى كامل
٤. كنيسة باسم البابا الشهيد البابا بطرس خاتم الشهداء بسيدي بشر
٥. كنيسة تحمل اسمّي الكوكبين المضيئين الأنبا أنطونيوس والأنبا بيشوي في اللبان
٦. كنيسة باسم السيدة العذراء والأنبا كيرلس عمود الدين في كليوباترا الحمامات
وبالإضافة فقد افتتح حضانة لأطفال الأمهات المشتغلات في قاعة ملحقة بكنيسة مارجرجس يوم رأس السنة القبطية توت سنة ١٦٨٨ش (١١ سبتمبر سنة ١٩٧٢) ولم تمضِ سنة حتى أصبح لكل كنيسة في الإسكندرية حضانة على نمطه ثم لم تلبث الفكرة أن عمت كنائس مصر كلها.
٥. الرجاء الثابت
وكان أبونا بيشوي متيقنًا بأن الخدمة الحقيقية هي عمل “الراعي الأعظم” الذي هو وحده يقود شعبه من خلال الكهنة. وفسّر هذا اليقين بأن كلمة كاهن باللغة اليونانية هي “إبريسفيتيروس” ومعناها “شفيع”. ولذلك كان العمل الأساسي للكاهن هو أن يصلي عن شعبه لأن الصلاة هي القوة الدافعة لكل الأنشطة الكهنوتية. ويكشف القداس الإلهي عن هذا السر لأن الكاهن يصلي عن نفسه وعن شعبه، يصلي عن المرضى والمسافرين، وعن أولئك “الذين سبقوا فرقدوا”؛إنه يصلي عن رئيس الدولة كما يصلي عن بابا الكنيسة، بل إنه يصلي عن النيل والنباتات “وكل شجرة مثمرة في العالم بأسره” إذن فالدرس الأول المُلقى على الكاهن هو أن يتعلم أن يصلي. ولقد بلغت الرغبة بأبينا بيشوي في تعليم الصلاة إلى أن أصدر:
١ – رسالة عن صلاة للقديس نيلوس السينائي.
٢ – كتاب عن “صلاة يسوع”، الصلوات التي توارثتها الأجيال عن الآباء والمعروفة “بصلوات الأجبية” أو صلوات السبع ساعات المرتبة تبعًا للساعات الكنسية.
ولأنه عاش هذه التعاليم بالفعل يومًا بعد يوم فقد امتلأت حياته بالبركة: يعمل الله فيه وبه وينجح أعماله.
ومن أرق القصص الدالة على رجائه الثابت قصة امرأة كان زوجها يكره الكنيسة كراهية عنيفة. فكان إذا ما وجد في بيته صورة السيد المسيح أو لأحد القديسين يمزقها إربًا إربًا. كذلك أصرّ على عدم مقابلة أي كاهن. وكلما روت الزوجة لأبينا بيشوي أعمال زوجها وأقواله يجيبها باستمرار الإجابة عينها: “صلّي من أجله”. ومرت سنوات. وبدا كأن قلب الزوج لا يمكن اختراقه ولكن أبونا بيشوي لم ييأس. ومرض الزوج، وفي شدة وجعه طلب إلى زوجته أن تأتي له بصورة المسيح المصلوب. واحتضن الصورة بحرارة وانهالت دموعه في ندم وتوبة.
وثمة قصة توضح أن تأثير أبونا بيشوي تخطّى حياته الأرضية. فقد جاهد ليكسب شابًا سائرًا في طريق الضلال. ولكن جهاده ضاع سدى. وحين كان رجل الله راقدًا رقدته الأخيرة داخل نعشه عند حجاب الهيكل تقدّم هذا الشاب وركع إلى جانبه وقبّل يده، وبدموع غزيرة أعلن توبته أمام الجمع الحاشد.
٦. الغيرة الملتهبة
وكان أبونا بيشوي مشتعلاً بمحبة كنيسته: أحبها لكونها عروس السيد المسيح الذي تيقَّن من عضويته فيه من خلالها، إنها حظيرة قطيع السيد المسيح. وفاض قلب أبينا بيشوي نشوةً بقداساتها وألحانها وصلواتها، وتهلل بصحبة قديسيها وشهدائها ورهبانها. بل لقد بلغ به التهلل بصحبتهم جدًا جعله يضع أيقونة القديس / القديسة يوم تذكاره على حامل منتصب وسط الشمامسة يوم تذكاره / تذكارها. وكلما أمكن صحب شعبه لزيارة الدير أو القلاية أو المقصورة التي عاشوا فيها أو رقدوا فيها. كذلك اعتز بتاريخ كنيسته المحبوبة. فكان يشجّع كل من يجد فيه ميلاً للكتابة على تدوين هذا التاريخ. ولم يكن تشجيعه باللسان بل كان بالحري بالعمل. فمثلاً كان يستصحب المؤلفة إلى الرقيب (حين كانت الرقابة مفروضة على كل المطبوعات)، وبعد أخذ موافقته يتسلَّم المخطوط فلا تراه بعد ذلك إلا كتابًا متداولاً بين الأيدي إذ حتى مراجعة البروفات كان يضعها على زوجته الفُضلى. وكلما ظهر جزء كان حماسه به ملتهبًا يدفع بكل معارفه إلى شرائه. وسار على الخطة عينها حتى في الكتاب الذي وضعته المؤلفة عن سيرة أبيها.
ولقد نبعت كل مواعظه من هذه المحبة المشتعلة. فأكد قوة الروح القدس المنسابة إلى داخلنا من خلال سرَّي المعمودية والميرون المقدسين. وواظب على مطالبة شعبة بتناول سر الإفخارستيا العظيم لكي يصلوا إلى القداسة المسيحية. وإذا ما تحدث عن القديس تكلم عن صداقتهم المستمرة مع الله بصورة كانت تجعل سامعيه يتيقنون بأنه في زمرتهم.
ولقد عني عناية خاصة بتعاليم الكنيسة وتقاليدها. فمثلاً وضع جرن المعمودية بالقرب من المدخل الشمالي الغربي لتكون عن شمال المصلين أثناء الصلوات – أليست المعمودية هي الميلاد الثاني الذي حوَّل به السيد المسيح الإنسان القديم إلى إنسان جديد، وبذلك حوَّله من الشمال إلى اليمين؟ وحتى وصيته الأخيرة لإخوته الكهنة كانت رجاؤه إليهم بأن يحافظوا بكل دقة على التقاليد الحيَّة التي تسلمناها جيلاً بعد جيل، وذلك لكي يعيش أولادهم بروح الكنيسة ويبتهجوا بعضويّتهم فيها.
ومرة وهو في لوس أنجيلوس وزّع صورة البابا كيرلس السادس على جميع من زارهم. وحين سُئل لماذا لا يفعل هذا في مصر أجاب: “في بلادنا يعيش البابا بيننا فهو قريب إلينا وبالتالي ليس غريبًا عنا. ولكن الجيل الصاعد الذي ينمو في الولايات المتحدة لا يعرفه بل قد لا يسمع به فمن واجبنا أن نؤكد أبوّة قداسته لنا كجزء من التقليد القبطي”.
كذلك أحيا التقليد القديم الخاص بالسهر في الكنيسة ليلة رأس السنة، سنة الشهداء والسنة المسيحية العامة. وعملاً بنموذجه أصبحت كل الكنائس تحيي سهرات رأس السنة في داخلها.
٧. صياد للنفوس
ولقد وصفه أحد زملائه الكهنة بقوله إنه “كالنسر في انقضاضه على فريسته”. فكان تعليمه وعظاته، بل وحياته كلها مغناطيسًا يجتذب القلوب. فهو كان يرى السيد المسيح في كل شخص – حتى في الضالين وهذه الرؤيا أشعلته اشتعالاً شهوةً منه في اكتسابهم لرب المجد فاديهم الحبيب المحب. فكان يذهب وراءهم بلا هوادة. ومع أنه اكتسب العدد الوفير إلا أن بعض الأمثلة تكفي: حينما كان يخدم في لوس أنجيلوس لحظ شابًا يحضر القداس ولكنه يسارع إلى الخروج حالما تنتهي الصلوات. وبعد ملاحظته عدة مرات قرر أن “يقفشه”.ففي الأحد التالي سارع نحو باب الكنيسة وسلَّم عليه وقال له: “أرجوك أن تنتظرني”. ولما خرج الجميع التفت إلى الشاب فوجده يبكي. وخلال عبراته سأل إن كان يتذكّره.ولم ينتظر الإجابة بل قال:”أنا فلان الذي سلب منك بعض المال من عدة سنوات في كنيسة مارجرجس” واحتضنه أبونا في حنان وقال: “انسَ هذا – فأنت ابني”. ولا حاجة إلى القول بأن هذا الشاب صار”إنسانًا جديدًا”.
وثمة قصة أخرى تتلخص في أن جاءه ذات صباح رجل في غاية الفزع وهو يقول: “الحقني يا أبونا. فقد خطف فلان (وهو ضابط شرطة) ابنتي وحملها رجاله إلى بيته”. وقفز أبونا إلى سيارته وذهب لفوره إلى بيت الضابط المذكور، وحين فتحوا له الباب دخل مسرعًا من غرفة إلى غرفة حتى وجد الشابة. فأمسك بيدها وأخذها وخرج. وأصيب أهل البيت بذهول أمام سرعة أبينا حتى لكأنهم صاروا تماثيل فلم يعترضه أحدهم! وأوصل الشابة إلى أبيها. وغني عن القول أن ثار عدو الخير عليه وهيَّج بعض ضعاف النفوس ليعترضوا طريقه وتصادف مرور أحد زملائه الكهنة يومًا فرآه وهم يعترضون سيارته ويضيقون عليه من كل جانب بسيارتهم بالقرب من منزله لكنه عبر كالسهم في وسطهم “والفخ انكسر ونحن نجونا”. فأجمع كهنة الإسكندرية على الشكوى إلى المحافظ ولكنه رفض في إصرار قائلاً: “نحن آباء أفلا يجب أن نكون على استعداد لأن نقبل جعالة دعوتنا العليا؟”.
والمثل الثالث خاص بإنسان لم يولد داخل الإيمان المسيحي. وحين عمل مغناطيس أبينا فيه امتلأ قلبه حرارة إلى حد أنه رغب في الرهبنة. فصحبه أبونا إلى أحد أديرة شيهيت. وبعد عدة أسابيع أراد أن يطمئن عليه. وبينما هو يقود سيارته في المنطقة البعيدة عن الطريق العام إذا بشيخ رث الثياب يستوقفه ويطلب إليه أن يوصله إلى منطقة معينة. وأركبه أبونا بابتسامته المعهودة. وقبل أن يصل النقطة المطلوبة قال الشيخ: “يكفي أنزلني هنا. فالمكان قريب وأنا أخرجتك عن طريقك”، ولكن أبونا صمم على الاستمرار في المسير وفتح الشيخ باب السيارة لينزل فأوقفها أبونا بسرعة ومدّ يده ليمسك بيد الشيخ وإذ بها مثقوبة بالمسمار وإذا بالشخص يختفي وفي اليوم التالي جاءه شقيقا الرجل الذي ترهبن وأخبراه بأنهما تربصا له ليقتلاه ولكنهما تراجعا إذ وجدا شخصًا جالسًا إلى جانبه.
٨. إلى أقصى الأرض
وإنسان بهذه القامة الروحية لم يكن ممكنًا أن يتركه الآب السماوي للخدمة داخل حدود مصر فقط. وأول باب فتحه له هو انتدابه لتمثيل الكنيسة القبطية في مؤتمرين – كليهما في جينيف الأول كان من ١٠ يوليو- ١٠ أغسطس سنة ١٩٦٠، والثاني من ١٥ أغسطس- ١٥ سبتمبر سنة ١٩٦٥. ثم رأى البابا كيرلس السادس أن يمدّ رعايته نحو الذين هاجروا إلى الولايات المتحدة فانتدب أبونا بيشوي لهذه الخدمة الرعوية. وقبل أن يغادر مصر طلب البابا الوقور إلى أنبا مكسيموس مطران القليوبية أن يرسمه قمصًا. وقصد أبونا إلى لوس أنجيلوس في ٨ نوفمبر سنة ١٩٦٩. ووصلها عشية عيد كاروزنا العظيم مارمرقس. فكان أول قداس إلهي رفعه أبونا بتلك المدينة يوم ٩ نوفمبر (٣٠ بابة سنة ١٦٨٥ش). ولقد امتلأ قلبه نشوة إذ تيقّن من أن الإنجيلي الشهيد كان واقفًا إلى جانبه.
ولقد زار جيرسي سيتي حيث نجح في شراء كنيسة دعاها باسم مارجرجس والأنبا شنودة في ١٥ مايو سنة ١٩٧٤- وهي الكنيسة الثانية بتلك المدينة- والأولى تحمل اسم مارمرقس.
كذلك قام برحلات رعوية إلى سان فرانسيسكو ودنفر وهيوستن وبورتلاند وسياتل. ومن يعرف تلك البلاد يرى أن زياراته حملته من شاطيء المحيط الهادي إلى شاطيء المحيط الأطلسي: من الشرق إلى الغرب ومرورًا بالجنوب الأوسط.
وحينما وصل إلى لوس أنجيلوس لم يكن بها للأقباط كنيسة. وعلى الفور ألَّف لجنة هدفها الأول شراء كنيسة أو بناؤها. وبديهي أنه وجد معارضة بحجة أنهم لن يستطيعوا جمع المال اللازم. وبهدوئه ووداعته وبابتسامته الرقيقة أقنعهم بوجهته. وبتشجيعه عثروا على كنيسة معروضة للبيع ولكن أصحابها طلبوا مائة ألف دولار ثمنًا لها – عدا التسجيل والمحامي والسمسار. وتراجع البعض أمام هذا المبلغ. قال أبونا بيشوي: “إن العربون في جيبي – يقصد إيمانه بمعاونة الله – وأمامكم أسبوعان”. فنفخ العزيمة والحماس في القلوب إلى حد أنهم جمعوا المبلغ المطلوب قبل الموعد المحدد بيومين. ووضع أبونا الدولارات والشيكات في حافظة نقوده وذهب مع بعض أعضاء اللجنة إلى بنك لإيداعها فيه. ولكن يالخيبة الأمل! فحين همّ باستخراج الحافظة من جيبه لم يجدها! وبدأ بحث محموم داخل البنك وفي الطرق التي ساروا عليها وعند موقف السيارات – بحث من دون جدوى والعجيب أن أبونا ظل واثقًا بأن الله لن يتركهم. وفي منتصف الليلة التي كانوا سيدفعون المبلغ عند صاحبها، وهم مازالوا يصلُّون، إذ بغريب تقدم إلى أبينا بيشوي وسأله إن كان قد فقد حافظة. ولما أجابه بالإيجاب قدَّمها له بكل ما فيها! فامتلأ الجميع بهجة. وقالت تاسوني أنجيل باللغة العربية – ظنًا منها أن الغريب لا يعرفها – “اسأله يا أبونا إن كان ياخد مكافأة”. أجابها الغريب بالنفي إذ اتضح أنه باكستاني مسلم يعرف العربية. وهو لم يرفض المكافأة فقط بل عبَّر عن أسفه لأنه ليس في مقدوره أن يقدّم لهم أي تبرع.
ومنذ خدمته هناك شاء فاديه الحبيب أن يفتح له باب الخدمة في إنجلترا وفرنسا والنمسا. وبين سفرية وأخرى يعود إلى مصر لينتعش بالارتواء من قديسيها وشهدائها على حد تعبيره هو شخصيًا.
وحينما كان في لوس أنجيلوس كان أبونا يؤكد وجوب نشر “قصة القبط” التي وضعتها المؤلفة بالإنجليزية. ولقد انطبع الكتاب فعلاً سنة ١٩٨١ – أي بعد نياحة القمص بيشوي بسنتين. ومما لا شك فيه أن صلواته في الفردوس كانت القوة المحركة لهذا العمل.
۹. الأبوة الروحية
وهنا نقف في شيء من الرهبة لنتمعَّن كيف أن أبونا بيشوي وزوجته تاسوني أنجيل عاشا في تبتّل نسكي تحت سقف زيجتهما. فلقد أنكرا على نفسيهما حقهما الشرعي لينثرا محبتهما على الناس. فما من أمسية عيد عادا إلى بيتهما بمفردهما– بل كانا يستصحبان “بلا استثناء” بعض الضيوف ليتعشّوا معهما ويبيتوا في ظل رعايتهما.
وليس ذلك فقط بل أيضًا كلما أصاب القلق شخصًا من أسرته الخاصة أو في عمله لا يجد الأمان والهدوء النفسي إلا في بيتهما. بل لقد بلغت محبتهما حدًا يفوق الطاقة الإنسانية إذ قد استضافا مرة شابة على وشك الولادة كان أبواها قد غضبا عليها وطرداها من البيت. فأبونا بيشوي عاش يقينية أمومة الكنيسة مبرهنًا على أنه من خلال محبة الكنيسة نستطيع أن نتفهّم أبوة الله. وبالفعل بلغت أبوة أبينا بيشوي علوًّا جعل الناس يأتونه من كافة بقاع مصر. وكم من مرة حين هددت الخلافات حياة زوجية كان يصغي إلى كلٍ من الزوجين على حدة ثم إليهما معًا. وبعدها يرفع صلاته فتصعد كالبخور إلى العرش الإلهي. ويحلّ الصلح والسلام في القلوب التي كانت متنافرة. وكان يقول لإخوته الكهنة: “نحن آباء ورعاة ولسنا رجال شرطة ولا قضاة.”
وفي أبوته الحانية افتتح في ١ يناير سنة ١٩٧٦ بيتًا لليتامى وأبت عليه أبوته الرقيقة أن يدعوه ملجأ فأطلق عليه اسم جمعية مارجرجس لرعاية الطفولة والأمومة. ومن العجيب أنه فيما هو يتفكّر في هذا المشروع إذا بخادمة تأتيه بيتيمتين من الصعيد. وفي الحال تكلم تليفونيًا مع سيدة عندها شقة خالية وطلب إليها أن تعدّها لاستقبال الطفلين. فسألته: “ومن سيبيت معهما؟” أجابها: “شابة جامعية من المتغربات واسمها نجوى” قالت السيدة: “ليست هناك وسيلة للاتصال بها”. وجاءها الرد التلقائي المعتاد: “سيرسلها الله”، وقبل أن تنتهي المكالمة التليفونية رنّ جرس الباب، وعند فتحه دخلت نجوى!
وكان يدفع في الخفاء إعانات شهرية للكثير من العائلات، كما كان هناك عدد غير قليل من طلبة الجامعة وطالباتها عاونهم لاستكمال دراساتهم. وهذا السخاء لم يعرف عنه أحد إلا بعد انتقاله. بل لقد حدث أثناء تجنيزه أن وقف رجل مسلم صاحب مكان صغير قريب من كنيسة مارجرجس يبكي بكاءًا مرًا. فسأله قبطي واقف إلى جانبه لماذا يبكي. أجابه: “حين كانت ابنتي مخطوبة ولم يكن عندي ما أصرفه على جهازها تولى أبونا بيشوي تجهيزها بكل ما تحتاج إليه”.
وهنا أيضًا نجد أن أبوته امتدت إلى ما بعد انتقاله. فهو كان قد سمع أثناء مرضه عن شابة أغراها الشيطان عن طريق شاب غير مسيحي – فأرسل في طلبها وكانت تجلس عند قدميه مساءً بعد مساء وترتوي من حنانه وتصغي إلى توجيهاته. ولمست روحه قلب تلك الشابة فقطعت علاقتها نهائيًا مع الشاب. فلما طارت روحه الطاهرة إلى الفردوس عاود الشاب إغراءها ونجح في استمالتها إليه. وذات ليلة رأت حلمًا: نفسها سائرة يتأبط الشاب المذكور ذراعها. وفجأة رأت أبونا بيشوي آتيًا نحوها ينظر إليها بثبات وحزن معًا. فارتعدت خوفًا. وخلال رعدتها سمعته يقول لها بتوكيد: “ألم أقل لكِ أن لا تسلكي هذا المسلك؟” وما أن سمعت هذه الكلمات حتى سحبت ذراعها من ذراع صديقها. بينما استمر أبونا يقول: “إياك أن تجري على السير معه مرة أخرى”. واستيقظت لساعتها وقد امتلأت رهبة. وهي لا تزال ترى وجه أبينا وتسمع كلماته. ولما أصبح الصباح ذهبت إلى كاهن من زملاء أبينا بيشوي وقصّت عليه الحلم، ثم أضافت: “أنا أعلم الآن أنه مازال يواليني برعايته وأبوِّته”. ومنذ ذلك الحين لم تكتفِ بالسير في الطريق الضيق فقط، بل هي تسعى بدورها إلى اجتذاب أية شابة تراها سائرة في طريق الانزلاق الذي استخلصها منه أبونا بيشوي.
۱۰. وجه شبيه بوجه السيد المسيح
ولقد قيل عن موسى النبي أنه حين كان ينزل من على الجبل بعد أن يكون قد تكلم مع الله كان وجهه يلمع بحيث أن الشعب كان لا يستطيع النظر إليه. أما وجه أبينا بيشوي فلم يكن يلمع فقط بل إنه كان باستمرار الصورة الجميلة لوجه السيد المسيح. ولكن لأن الله منحنا نعمة حلول الروح القدس في داخلنا فقد منحنا أيضًا المقدرة على أن نتفرَّس في اللمعان الذي يضيفه – له المجد – على وجوه أصفيائه. وهذه الصورة البديعة التي سعد بها أحباؤه قد رآها الأجانب أيضًا. فمثلاً حين كان على وشك السفر إلى لوس أنجيلوس سنة ١٩٦٩ تبعته الجموع إلى محطة سيدي جابر. وكانت حاشدة إلى حد أن سائق القطار اضطر إلى أن يصفّر صفارة القيام عدة مرات. بل إنه حين بدأ يتحرك سار ببطء السلحفاة لأن المودِّعين كانوا يحيطون بالقطار من كل جانب. وأخيرًا تمكَّن من الخروج من المحطة وكانت سيدة إنجليزية في القطار فسألت إلى الجالس جانبها (وكان أبونا لوقا): “من يكون ذلك المسافر الذي تقاطرت الجماهير لتوديعه؟” أجابها: “إنه أبونا بيشوي كامل” وبدت الدهشة القوية على وجهها وفي صوتها: “كل هذه الحشود لأجل كاهن؟!” وصمتت قليلاً ثم أبدت رغبتها في رؤيته. فأخذها أبونا لوقا إليه. وحين قدَّمها إليه صارحته بدهشتها أمام جماهير مودِّعيه. فقال لها في تواضعه الجم. “هكذا هم الأقباط إنهم يحبون كنيستهم ويحبون كهنتهم” وبعد حديث قصير قالت السيدة الإنجليزية: “إني أتعشم بكل صدق أن تذهب إلى لندن وتفتح كنيسة هناك لكي تسري حرارة شعائركم وحماس شعبكم إلى قلوب الإنجليز”. ثم أبدت رغبتها في مكاتبته فأعطاها عنوانه.
وجدير بالذكر أن أبونا بيشوي ذهب إلى لندن وإن هناك كنيستين قبطيتين في العاصمة البريطانية. ومن عجيب عمل “الخميرة الصغيرة التي تخمِّر العجين” أن القداس الإلهي يقام كل سبت بالإنجليزية لكثرة من يحضرون من الإنجليز.
ولما عادت السيدة الإنجليزية إلى مكانها في القطار قالت لأبينا لوقا: “الآن بعدما رأيت أبونا بيشوي فهمت السبب الذي دفع بالجمهور إلى أن يتزاحم على المحطة لتوديعه: إن وجهه هو صورة لوجه السيد المسيح”.
١١. مركز إشعاع
وكما أعطى الشعب الصورة الإلهية لسيده كذلك أصبحت كنيسته على حد تعبير قداسة البابا شنودة الثالث مركز إشعاع. فحين كان يقف ليترنّم بالقداس الإلهي كان يحمل الشعب كله في داخله ليضعه في حضن الآب السماوي. ولقد بلغ إشعاع كنيسته ومغناطيسية شخصيته مبلغًا أدَّى إلى رسامة عددًا كبيرًا من “أبنائه” كهنة وهم:
١ – أبونا تادرس يعقوب
٢ – أبونا لوقا سيداروس
٣ – أبونا متى باسيلي
٤ – أبونا ميخائيل عزيز
٥ – أبونا صليب حكيم
٦ – أبونا كيرلس داود
٧ – أبونا صموئيل ثابت
٨ – أبونا أنجيلوس ميخائيل
٩ – أبونا مقار فوزي
ويخدم الأربعة الأوائل في كنيسته، بينما يخدم الخامس في كنيسة مارجرجس بالحضرة، والسادس في كنيسة الملاك ميخائيل بمصطفي كامل. أما السابع (أبونا صموئيل) فقد بدأ خدمته في كنيسة السيدة العذراء والأنبا كيرلس ولكنه يخدم حاليًا في مدينة فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا، ويخدم أبونا أنجيلوس في كنيسة الأنبا تكلا هيمانوت بالإبراهيمية. بينما يخدم أبونا مقار كنيسة البابا بطرس خاتم الشهداء بسيدي بشر. ولقد خدم أبونا تادرس وأبونا لوقا في الولايات المتحدة وفي أستراليا أكثر من مرة.
وبالإضافة فلأبينا بيشوي “ابن” أصبح أسقف يحمل اسمه هو نيافة الأنبا بيشوي أسقف دمياط والبراري وكفر الشيخ. في حين أن اثنين من إخوة تاسوني أنجيل هما أيضًا قد انضما إلى السلك الكهنوتي: فجورج أصبح أبونا بيجول وهو يخدم فى كنيسة السيدة العذراء بأرض الجولف بمصر الجديدة، وإميل أصبح الراهب أرشيليدس بدير مارمينا. ثم سيم أسقفًا لملوي باسم الأنبا ديمتريوس.
۱٢. حبه للمعرفة
وهناك قول مأثور يقول: “خذ الحكمة أينما وجدتها حتى من أفواه المجانين”. ولقد مارس أبونا بيشوي هذه النصيحة. صحيح إن معلمه الأول كان الكتاب المقدس وسير الآباء وتعاليمهم وصلوات الكنيسة وتقاليدها وطقوسها. ولكنه لم يجد شخصًا أصغر من أن يتعلم منه: إنه كان يتعلم حتى من غير المسيحيين ومن الأميين. كذلك جمع الكثير من المعرفة عن طريق ملاحظاته. فقد حدث أن دخل الأنبا شنودة (وهو بعد أسقف الإكليريكية والتربية الدينية) إلى كنيسة مارجرجس، ولم يكن بها في تلك اللحظة غير أبونا بيشوي وأبونا تادرس. وانحنى الأنبا شنودة أمام الهيكل ثم دخله وقبَّل المذبح. وهمس أبونا بيشوي في أذن زميله: “تقليد رائع أن يقبِّل الإنسان المذبح عند زيارته لكنيسةٍ ما. وليس من شك في أن الأنبا شنودة قد تلقاه من أحد شيوخ البرية – فهناك الكثير من المعلومات غير موجودة في الكتب بل يتسلمها جيل عن جيل”.
وذات مرة حضر مؤتمرًا كنسيًا دوليًا وأحس بشئ من الخيبة أمام النزعة المادية التي سيطرت عليه. وعند رجوعه سُئل عن تقييمه للمؤتمر فقال: “إن الكنيسة بصفة عامة لم تنتفع بشئ منه. ولكنني اكتسبت الكثير من خلال تعرفي على بعض المفكرين الكنسيين من الكنائس الأخرى”.
ولقد قال لأبينا تادرس في أحد الأيام: “فلان – هذا – ذو قلب نقي”. وكان الشخص المشار إليه كثيرًا ما عارض تعاليمه! ولكن أبونا بيشوي – لنقاوة وجهة نظره – رأى نقاء القلب حتى في معارضيه!
وإلى جانب رغبته في التعلم ونقاوة نظرته كان يهتم بما يمكن أن نسميه “الأمور الصغيرة”. فمثلاً حدث أن دخلت المؤلفة كنيسة مارجرجس على غير موعد. وكان أبونا بيشوي يلقي درسًا على بعض الشباب. وحالما رآها أعطاها مكانه ولكنه قال: “اعطِ درسك في عشرين دقيقة فقط لأن الشباب يريدون أن يتفرَّجوا على ماتش كرة في التليفزيون”. وابتسموا جميعًا في رضى واضح وقالوا: “لا في إمكانها أن تستغرق نصف ساعة”. فسألهم: “أمتأكدون؟” أجابوا بصوت واحد: “نعم”. فالتفت إليها وقال: “نصف ساعة فقط”.
كذلك يبدو عطفه على أولاده في المثل التالي: في صباح يوم من أيام الثلاثاء (شهر مايو سنة ۱٩٦٨) أخذت المؤلفة ابن أخيها – واسمه حبيب – إلى كنيسة مارجرجس لأنه كان يريد أن يوقد شمعة أمام أيقونة الشهيد العظيم. فوجدا أبونا جانب أتوبيس للرحلات أمام باب الكنيسة – فسأله حبيب لفوره: “إلى أين أنتم ذاهبون يا أبونا؟” – “إلى دمياط لننال بركة الشهيد سيدهم بشاي الذي توجد رفاته بكنيسة السيدة العذراء هناك” – “وهل أستطيع الذهاب معكم؟” – “طبعًا. اقفز إلى الأتوبيس فورًا”. واعترضت العمة: “ولكن – هل هناك مكان له؟” وأجاب أبونا بيشوي بصوته الهادئ الرقيق وابتسامته العذبة: “إن لم يكن له مكان سأجلسه على حجري” ولكنها عادت تسأل: “وما ثمن التذكرة؟” قال الكاهن الصبور: “ألا تعلمين أنه ابن فهو معفي من الدفع؟!” وذهب حبيب معه. ولما عادوا في اليوم الثاني صحبه بنفسه لغاية البيت.
۱٣. مرحلتان هامتان
وهنا يجدر التمعن في مرحلتين هامتين: كان أبونا بيشوي قد تسلّم سقيفة لم يلبث أن حوّلها إلى كنيسة ضخمة. وكان قد بدأ بإقامة قلعة فسيحة بمستوى الأرض اتخذ من ناحيتها الشرقية هيكلاً إلى أن تم بناء الكنيسة في أعلاها. وفي ۱٧ نوفمبر سنة ۱٩٦٨ أقيمت شعائر تكريسها إذ قد انتدب قداسة البابا كيرلس السادس نيافة الأنبا مكسيموس مطران القليوبية لتأدية شعائر التكريس. ومن الشيِّق أن نعرف أن الفنان الذي رسم أيقونة السيد المسيح الصاعد إلى السموات على الجدار الشرقي للهيكل فنان مسلم، وهو بعينه الذي رسم في كل ركن من أركان قبة الكنيسة الأربعة بشيرًا من البشيرين وإلى جانبه الحيوان غير المتجسد الذي يرمز إليه. وهذا دليل على مدى الأثر الذي كان لأبينا بيشوي. وقد أخذ هذه الصور عن الأيقونات الملونة للفنان مايكل أنجلو بطريقة التكبير بالبروجكتور للصور Slides الصغيرة.
وفي يوم ٧ هاتور سنة ۱٦٩٢ (۱٧/۱۱/٧٥) أقيم قداس إلهي تذكارًا لبناء أول كنيسة على اسم مارجرجس في اللد مسقط رأسه، وكان اليوم عينه هو الذي تكرَّست فيه كنيسته بسبورتنج. ولهذين التذكارين المفرحين دعا أبونا بيشوي وإخوته الكهنة وأعضاء لجنة الكنيسة نيافة الأنبا مكسيموس ليؤدي الشعائر القدسية. وفي الصباح باكرًا قام حليم زخاري – فراش الكنيسة – بتنظيفها وترتيبها ثم نزل إلى القاعة التي تحتها لينظفها أيضًا توقعًا للزحام. فوجد قرب مدخلها بنكًا مائلاً من ناحية ومربوطًا بدوبارة إلى البنك الذي إلى جانبه. فصرخ: “قنبلة! قنبلة!” وسارع إليه شماس الهيكل نظمي وأخذ يناقشه في لا معقولية ما يصرخ به، إذ كيف يمكن وجود قنبلة في هذه القاعة؟ ولكن حليم كان متأكدًا مما يقوله مصرًّا عليه إلاَّ أن الشماس لم يجرؤ على الاقتراب من البنك. فقد كان حليم جنديًا ممن قاتلوا في حرب سنة ١٩٧٣ ورأى مثل هذه القنابل فلما انتهت الحرب قصد إلى أبينا يطلب عملاً فعيَّنه فراشًا قبل هذا اليوم بثلاثة شهور. وكانت القنبلة في وضع لا يحتاج إلى غير لمسة لتنفجر!
وبينما كان الشماس نظمي لا يزال في مجادلته مع حليم إذ بضابط جيش من المتخصصين في المتفجرات يدخل ليحضر الصلوات وما أن رأى القنبلة حتى أكَّد أقوال حليم، كما أكَّد أنها من النوع الروسي شديد الانفجار وفي وضع التأهب. فذهب الضابط وهمس في أذن أبينا بيشوي بالواقع. ونزل الكاهن الرصين بهدوئه المعتاد ورأى القنبلة. فأغلق باب القاعة بالمفتاح ووضعه في جيبه ثم تحدث تليفونيًا مع الوكيل العام للبابوية وبعدها صعد لاستكمال الصلوات. وما أن انتهت حتى رجا من الشعب أن ينصرف لفوره.
ووصل رجال الأمن والنيابة العامة إلى الكنيسة ومعهم أخصائي مدرّب في المتفجرات. ولقد سجّل هذا الأخصائي في المحضر الخاص بالتحقيق أن القنبلة روسية الصنع ومن النوع الشديد الانفجار، وتغطي دائرة نصف قطرها عشرة أمتار – أي أنها تغطي القاعة بأكملها! كذلك أكَّد هذا الأخصائي أن الذي وضع القنبلة ممن يعرفون تمامًا كيفية استعمالها، وأنه وضعها بغاية الدقة لتنفجر على الفور! ولكن – ألم يكن مارجرجس من رجال الجيش الذين تركوا خدمة الملك الأرضي ليخدموا الملك السماوي؟ وفوق هذا، فالساهر على كنيسته لا ينعس ولا ينام، ولقد قال – له المجد في أكثر من مناسبة “عيني عليك من أول السنة إلى آخرها” فكيف يمكن لإنسان أن يهدم ما يبنيه الله؟ وهو له المجد قد أثبت مدى رعايته الساهرة.
وفي الأسبوع عينه دخل رجل إلى كنيسة مارجرجس أثناء صلاة عشية. وكان يحمل شمعة كبيرة الحجم. وبينما كان أبونا بيشوي مارًّا بين الشعب يبخِّره تقدّم إليه هذا الرجل وأخبره بأنه يريده أن يوقدها له. أجابه رجل الله بهدوئه المعتاد: “ضعها مع الشموع الموضوعة قرب الباب وحالما أنتهي من الصلاة أوقدها لك”. فوضعها الرجل وخرج. وبعد قليل دخل شرطي إلى الكنيسة وسأل أبونا “أين الشمعة التي جيء بها منذ قليل؟” فأشار إليها أبونا واتضح أنها غمد على هيئة شمعة محشوًّا بالمفرقعات. وكان اكتشاف هذا الواقع أيضًا من رعاية الساهر الذي لا ينام. لأن الرجل الذي أحضر الشمعة، حين خرج من الكنيسة، دهمه تاكسي فسقط على رأسه فاقد الوعي وحُمل إلى أقرب مستشفى. وفي هذيانه أثناء غيبوبته اعترف بالأذى الذي كان ينتويه لأبينا بيشوي.
١٤. بناء كنيسة السيدة العذراء
وفي تلك السنة عينها قدَّم الفادي الحبيب برهانًا جديدًا على مدى فاعلية وعده القائل: “ها أنا معكم إلى انقضاء الدهر”. ويتلخص البرهان فيما يلي: كان هناك قطعة فسيحة من الأرض تقع قرب خط الترام عند محطة كليوباترا الحمامات. فرأى أبونا أن يبني عليها كنيسة وقد تم بالفعل بناؤها مؤقتًا لحين استصدار قرار جمهوري وهذا أيضًا قد حصل عليه بعمل ربنا العجيب وهكذا كلل الرب هذا العمل المقدس بالنجاح خصوصًا أن وافق أول قداس في هذا المكان الطاهر يوم الجمعة ٢١ طوبة أي ٨ فبراير سنة ١٩٧٦ وهو يوم تذكار السيدة العذراء ولكن القطعة كانت ملاصقة لمبنى الاتحاد الاشتراكي الوطني. فاستثار عدو الخير المقيمين في المنطقة ضد أبينا بيشوي مما جعلهم يشتكونه للشرطة. على أن رجل الله لم يتراجع بل حدّد يومًا لبناء السور. وقضى الليلة السابقة لهذا اليوم في الصلاة حتى مطلع الفجر. وما أن بزغ أول شعاع للشمس حتى فتح نافذته ويا للعجب فقد دخلت إلى الحجرة عصفورة جميلة غريبة الشكل وأخذت تنط في الحجرة وتغرِّد وترفرف بجناحيها، بل إنها وقفت على كتف أبينا في ثقة واطمئنان. وراقبها فرحًا مستبشرًا وللوقت ارتدى ملابسه وخرج إلى الأرض المرغوب في إقامة الكنيسة عليها. وعندما همَّ البنَّاء لكي يبني استوقفه رجل الشرطة. وهناك خلع أبونا لباسه الخارجي الكهنوتي ولفّ أكمامه إلى ما فوق الكوع وبدأ يبني بيديه. وسرى حماسه إلى كل الذين رافقوه فاشتركوا معه في العمل. ولقد بلغ اشتغالهم مبلغًا مكّنهم من أن يبنوا ست عشرة ألف طوبة في ذلك اليوم وكانوا على يقين من أنهم لا يبنون وحدهم بل لقد اشتركت في العمل معهم أيدي ملائكية. وهنا ترنّ في آذاننا كلمة قالها مصرولوجي أمريكي اسمه هنري جيمز برستد وهي: “إن ما يبدو أسطوريًا في البلاد الأخرى هو طبيعي في مصر”
۱٥. ما أبعد أحكامك عن الفحص
على أن الإنسان كثيرًا ما يمتليء قلبه رهبة أمام بعض الأحداث التي يعجز تمامًا عن إدراكها. ومن هذه الأحداث ما جرى لأبينا بيشوي! فهذا الرجل المكرَّس بكليته لخدمة كنيسته وشعبه. هذا الرجل العائش حياة ملائكية على الأرض، وفي تبتّل نسكي ومحبة عارمة – أصيب بالسرطان! وأعجب العجب أنه استمر في خدمته وفي جهاده بلا هوادة إلى أن أعجزه الألم عن الاستمرار! وأعجب العجب أيضًا أن هذا المرض المزعج بدأ يغتاله سنة ۱۹۷٦ عينها! وصارع صراع الجبابرة وسط آلامه لغاية عيد الميلاد المجيد سنة ۱۹۷۷. وعندها نصحه طبيبه المعالج بالذهاب إلى لندن. وما كاد الأستاذ ألبرت برسوم سلامة (وزيرًا للدولة آنذاك) أن يسمع بذلك حتى نجح في أن يحصل له ولزوجته ولأبينا لوقا على الإذن بالسفر والإقامة والعلاج على حساب الحكومة المصرية – ألا نرى في هذا كيف يكرم الله الذين يكرمونه؟ وفي خلال أربع وعشرين ساعة كان قد أعدّ لهم كل شيء. ولما وصلوا استقبلهم طبيب السفارة المصرية واستصحبهم إلى “مستشفى رويال فري”. وهناك أعطوه غرفة في جناح مخصّصينه لسكان الشرق الأوسط.
وبديهي أنهم وضعوه تحت الفحص والأشعة والتحاليل ثم أجريت العملية في ۱٤ يناير أي ٦ طوبة. وحتى خلال هذه الأيام كان يقصد إليه سعوديون وعراقيون وحتى ليبييون! وكان يشغل الحجرة الملاصقة لحجرته عراقية. وذهبت تاسوني أنجيل كعادتها في المسارعة إلى الخدمة للسؤال عنها. وفي نهاية الزيارة طلبت إليها المريضة أن تأتي لها بكوب من الماء صلى عليه أبونا. وفي الحال أحضرت لها طلبها. والله العجيب في قديسيه شاء أن تُشفى هذه العراقية في اليوم عينه الذي شربت فيه الماء المبارك بصلوت أبينا بيشوي.
وكان أبونا قد أخذ معه أيقونة للسيدة العذراء التي كانت لها منزلة خاصّة في قلبه. وفي عشية ۲۱ طوبة، أراد أن يترنّم بتمجيد للسيدة العذراء وبتسبحة في مديحها. وأحس برغبة قوية في تزيين الأيقونة بالورد – ولكن لم تكن لديه وردة واحدة. وكان عند تاسوني أنجيل علبة كرتون تزيّن غطاها وردة ملونة فقصت بعضها وزينت بها الأيقونة. وفي نفس الليلة عينها فوجئوا مفاجئة مفرحة. فقد دخلت الحجرة إحدى “بنات” أبينا بيشوي (من كنيسة مارجرجس) وهي تحمل باقة بديعة من الورود فسألها أبونا: “من أين جئتِ بهذه الباقة؟” أجابته: “حين سمعت أنك هنا ركبت الأتوبيس الموصّل إليكم. وفجأة توقّف الأتوبيس أمام دكان أزهار. فنزلت واشتريت هذه الباقة. ولما خرجت وجدت الأتوبيس مازال واقفًا. فركبته وها أنذا!”
فلما انتهت تاسوني أنجيل من تزيين الأيقونة بالورود الجميلة التي وصلتهم قام أبونا بابتهاج بعمل تمجيد للسيدة العذراء وكان الذراع الأيمن لأبينا قد أصيب بشلل نتيجة لضغط الورم على عصب الذراع. وقد أخبره الطبيب أنها لن تعود إلى حالتها الطبيعية إلا بعد شهر أو أكثر وفي الصباح التالي قام أبونا ليغسل وجهه ويديه استعدادًا للصلاة دون أي تفكير في ذراعه المشلولة. ويا للعجب! لقد تحركت الذراع على غير انتظار! فامتلأ الكل فرحًا. ثم حدث أن دخل الطبيب المعالج الحجرة في تلك اللحظة عينها، فهتف في دهشة واضحة: “إنها لأعجوبة!” وسرى خبر الأعجوبة من شفتين إلى شفتين، وكذلك مرَّت الأيقونة من حجرة إلى أخرى. وشاء الآب السماوي أن تكون الأيقونة وسيلة لشفاء بعض الذين أمسكوا بها!
ولما تعافى أبونا بعد العملية عاود الأطباء فحوصهم وتحاليلهم وأشعّاتهم ووجدوا ورمًا في إحدى مصارينه فقرروا وجوب عملية ثانية. وفي الليلة السابقة على تنفيذ هذا القرار سأل أبونا الطبيب الجراح: “هل أنت متأكد من وجود هذا الورم؟” وضحك الطبيب وقال: “إن كل صور الأشعة تثبته. وفوق ذلك فأنا أخصائي ولي سنين طويلة خلفي من الممارسة في هذا الميدان” وصمت رجل الله. وفي الصباح التالي حين جاءوا ليأخدوا أبونا إلى غرفة العمليات أصرّ على أن تظل أيقونة السيدة العذراء تحت مخدته. وعند تخديره قبل إجراء العملية أصيبوا بذهول إذ لم يجدوا أي ورم إطلاقًا. ولكنهم لعدم تصديقهم – قرروا إجراء العملية. وحينما فتحوا بطنه رأوا بعيونهم ولمسوا بأيديهم عدم وجود أي ورم وبلغ ذهولهم حدًا جعل الجراح يتكلم تليفونيًا من غرفة العمليات مع تاسوني أنجيل ليبلغها الخبر المفرح! ومن مراحم الآب السماوي على المؤلفة أنها كانت إلى جانب تاسوني أنجيل في تلك اللحظة.
وهكذا كان أبونا بيشوي، حتى في مرضه، متسلقًا للقمم يتسلق من قمة إلى قمة ويسير صاعدًا نحو آفاق بعيدة ممغنطًا الآخرين للتسلق معه. فهو، حين كان في إغماءة التخدير، كان يترنّم بالقداس الإلهي حتى لقد أنشده من أوله إلى آخره بنفس النغمة وبالتوازن عينه اللذين كان يصلي بهما وهو في وعيه أمام المذبح! فمجَّد المحيطون به الآب السماوي الذي ملأ كيان تلميذه حتى أعماق لا وعيه.
۱٦. شهود غرباء
وأنه لمنعش للنفس أن ترى كيف يكرم الله الذين يكرمونه. فكلما كان أبونا في حالة صحية تسمح له بمقابلة الناس، كان كل الناقهين وأقاربهم يلتقون في غرفته. فقد كان ذا مغناطيسية لا يمكن مقاومتها، هذه المغناطيسية وصفها أبونا متى المسكين بأنها “سر يسوع”. ومما حدث مرة أن قصدت المؤلفة إلى زيارته فوجدت عنده ثلاثة عراقيين. وحين همّوا بالقيام قبَّل كلٍ منهم يد أبينا بدوره، وقال له أكبرهم: “أنت رجل مبارك يا أبونا”.
وكان بين الذين تحت العلاج أمير سعودي – وجد عزاءه الوحيد وطمأنينته في حضرة أبينا بيشوي. وحتى حين كان يريد أن يتفادى حقنة كان يهرب إليه. ولم ثلبث الممرضة أن عرفت مخبأه فكانت تحقنه بالحقنة اللازمة وهو في غرفة أبينا! وعند عودة هذا الأمير إلى بلاده بعث إلى أبينا بالخطاب التالي:
إلى الأب المكرم المحبوب أبينا بيشوي ليحفظه الله وليحمِه.
تحيات الإكرام
أبعث إليك بأنبل عربون لمحبتي وإخلاصي وولائي من أعماق قلبي الذي تركته مشتعلاً بالحب لروحك الطاهرة الممتلئة حنانًا غمرنا حين كنا معك. وكان حنانك غامرًا إلى حد جعلنا ننسى ألمنا وقلقنا. ولهذا نضرع إلى الله عزّ وجلّ أن يحفظك ويعطيك الصحة والعافية في القريب العاجل. ولا يسمح بأن تظل طريح الفراش. إنه السميع المجيب.
يا أعز عزيز – أتعشم أن يصلك خطابي هذا وأنت في أحسن حال، ملتحفًا بالصحة والسعادة التي نطلبها لك من الله.
من فضلك بلّغ تحياتي إلى السيدة أختنا المحبوبة أنجيل التي لن ننساها ولن ننسى خدماتها الكثيرة لنا ليعطِها الله حسن الثواب
أخيرًا أتمنى لك حياة سعيدة وأيامًا مليئة بالفرح والسرور.
وألف سلام عليك. وأحسن تحياتي. وأخلص عواطفي لك.
وسلام الله وبركاته عليك وعلى كل آلك وفي خلال إقامتك وتنقّلاتك.
أخوك وابنك
بالإخلاص والوفاء
حسن مرتضي الهاشمي
وهناك شاهد آخر، هو شاب أسترالي كان الجراح المساعد في مستشفى رويال فري. فبعد وصول أبينا إلى لندن بأيامٍ قليلة ركع هذا الشاب إلى جانب سريره بانفعال واضح وقال: “يا أبونا بيشوي – إنك تذكرني بقوة بولس الرسول بحياتك النقية المقدسة وبأمراضك الكثيرة وبحملك الأخبار المفرحة عبر العالم، وبأسفارك العديدة. بل حتى متى تفرَّست في وجهك خُيِّل لي أني أرى رسول الأمم”. وأمام هذه الكلمات الدافقة أعلن أبونا بأن كل هذه النعمة التي يراها محدّثه إنما ترجع إلى قوة الحياة في السيد المسيح، ثم بالتدريج وبرقته المعهودة أوصله إلى العمق الروحي الذي للكنيسة القبطية.
۱۷. أعجوبة تتحقق
وفي تلك الزيارة لمستشفى الرويال فري بلندن أعلن كل الأطباء بالإجماع، وبعد فحص أبينا لعدة أيام أن أعجوبة واقعية قد تحققت فيه لأن جسده الطاهر قد أصبح خاليًا تمامًا من المرض الخبيث. فعاد إلى شعبه الفرح المتهلل.
والعجب العجاب أنه حتى وهو تحت وطأة عذاب المرض لم ينسَ أن يرسل المخطوط المتضمِّن سيرة حبيب المصري إلى المطبعة! وعند عودته إلى الإسكندرية كانت المؤلفة بتلك المدينة المحبة للسيد المسيح وحضرت حفلة تكريم له. وفي نهاية الحفلة وقف عند الباب يسلم على الخارجين واحدًا واحدًا ولما جاء دور المؤلفة قال لها: “يفرحني أن أخبرك أن كتابك – قصة حبيب المصري – قد نفذت طبعته”!
۱۸. النكسة
وفي خبث عنيد عاوده المرض بعد سنتين من المهادنة! وتحت ضغوط أحبائه العديدين وإلحاحهم المتواصل قبل أن يعود إلى المستشفى بلندن. ولكن ياللفجيعة! فقد اكتشف الأطباء أن المرض غزا الكلى! وعالجوه بأحدث الأدوية الموصوفة بكلمة “كيموثيرابي” Chemotherapy، ولكنهم نصحوه بعد عدة أسابيع أن يعود إلى وطنه. لأن الدواء الذي يعالجونه به يمكن استعماله في أي مكان. وقبل أن يغادر لندن صلى القداس الإلهي في كنيسة مارمرقس هناك. وياله من قداس! كان أكثر حنينًا وأكثر حرارةً من أي قداس سمعناه منه. وهكذا كانت عودته الثانية إلى شعب محزون كسير القلب.
۱۹. عجائب الله في الكنيسة
ومن المعروف عند الجميع أن آلام السرطان عنيفة مبرحة. ولكن أبونا بيشوي عاش الصليب من البداية: عاش صليب الآلام كما عاش صليب الفرح، بل وأكَّد الناحيتين بلا هوادة – الألم الذي ينظر إليه الناس بكثافة متغايرة تبعًا لمقدار قربهم من فاديهم المصلوب، والفرح بالصليب لكونه الوسيلة الوحيدة لخلاصنا وفدائنا. وهو أيضًا قد أبرز أن الكنيسة القبطية في تعييدها للصليب تترنّم بنغمات أحد الشعانين – أي بنغمات التهلل. وتوافقًا مع كنيسته وتناغمًا معها تغلب أبونا بيشوي على الألم بالفرح، فهو قبل أن يصاب بالسرطان سماه “مرض الفردوس” ولما اضطره الوجع إلى ملازمة الفراش كان الألم صبرًا وصمتًا وتركيزًا لعينين على الصليب. أما فترات الهدوء بين هجمات الوجع الباطشة فكان يقضيها في الترنّم بالتسابيح والتماجيد، وأيضًا في خدمة من يأتون إليه أو من يرسل هو في طلبهم!
ولقد وجد هذا التلميذ الملتصق بمعلمه التصاق يوحنا الحبيب الهدوء النفسي العميق بإصغائه إلى مراثي إرميا التي قام بتسجيلها بصوته قبل نياحته بفترة وجيزة خشية أن يمنعه المرض عن التمتع بالقراءة، فكان إصغاؤه إلى هذه المراثي يخفف من عنف الألم. فكان هذا الاحتمال بالتهليل يملأ قلوب من يرونه عزاءً وفرحًا. فهم أيضًا رأوا فيه بولس الرسول الذي قدّم كشف آلامه كوثيقة دامغة على رسوليته: فقد حوَّل الألم إلى عشرة مع الله والمرض إلى كرازة!
ومن أعجب عمل الله فيه أنه حتى وهو ملقى على سريره أوصل الكثيرين إلى فاديه الحبيب. فمثلاً حدث أن شابًا أردنيًا غير مسيحي رغب في الزواج من شابة قبطية ولكنها رفضت في إصرار أن ترتبط بالرباط المقدس مع شخص لم يذق بهجة الحياة في السيد المسيح. فأعلن الشاب استعداده للتعرّف على ذلك المخلص الذي لا تريد الشابة المرغوب فيها أن تتباعد عنه. فأخذته إلى أبينا بيشوي. ولعدة ليالٍ كان يجلس الاثنان إلى جانب سريره ويصغيان إلى حديث هذا المريض الذي كان “يتكلم كمن له سلطان” وتقبَّل الشاب المسيحية بكل قلبه وأعلن فرحه لمعرفته السيد المسيح من شخص كان له “الحياة هي المسيح”.
وثمة مثلٍ ثانٍ يوضح إلى أي مدى كان يتحنن على الضعف الإنساني: فقد ذهب إليه رجل ذات مرة واشتكى مرّ الشكوى من كهنة الكنيسة التي اعتاد أن يواظب على الصلاة فيها. فسأله أبونا بصوته الناعم الهادئ: “هل الكنيسة ملكًا لك؟” أجاب المشتكي: “كلا إنها ملك لله”. قال الكاهن الصبور: “حسنًا قلت. فإن كان المالك راضيًا بأن يخدموه وبأن يرفعوا السرّ الإفخارستي – فهل في إمكانك أن تقول له لا؟” وأقرّ المشتكي بأنه ليس في مقدوره الاعتراض على المالك الأصيل الراضي عن خدامه. وتكفيرًا عن الشكوى وضع أبونا بيشوي على المشتكي أن يقرأ مراثي إرميا بأكملها خمس عشر مرة.
وهكذا كانت شهادة أبينا بيشوي بعظائم الله خلال مرضه أبعد أثرًا منها وهو في صحته لأن جميع الذين رأوه في تلك الفترة رأوا فيه ملاكًا سماويًا.
وكان عيد الصليب قبل النهاية بيومين (وعيد الصليب يستمر ثلاثة أيام). وكان يحيط به في ذلك الصباح د. عوض قلد وعدد من زملائه. فالتفت إليهم وسألهم: “أي عيد نعيّده اليوم؟” وقبل أن يجيب أحدهم قال: “إنه عيد الصليب”. وسارع د. عوض إلى القول: “أرجو يا أبانا أن لا تجهد نفسك بالكلام”. أجابه رجل الله: “لماذا نخاف؟ إن عيد الصليب هو عيد القوة. إنه عيد الحرية. وأنا متلهِّف على التحدث كثيرًا عن الصليب. فمن فضلك لا تمنعني. إن رسالتنا هي أن نظهر قوة الصليب أمام كل إنسان. وهكذا أخذ يتكلم عن سلطان الصليب الذي كان لعنة في القديم فحوَّله السيد المسيح إلى بركة لجميع الناس. وأصغى إليه الأطباء في إعجاب صامت إلى أن انتهى من حديثه. فقد رأوا فيه حقيقة القول الإلهي: “الجسد ضعيف أما الروح فنشيط”. لأنه من خلال الصليب كان جسد أبونا بيشوي يضعف يومًا بعد يوم بينما روحه “كان يتجدد كالنسر شبابها”.
وكان اليوم الثالث لعيد الصليب في ۱۲ برمهات (وهو الذي تكرّسه كنيستنا المحبوبة شهريًا لرئيس جند السمائيين)، ويتطابق مع ۲۱ مارس الذي قررته حكومتنا المصرية عيدًا للأسرة. وبالإضافة فهو اليوم الذي تعيِّد فيه الكنيسة بإعلان بتولية الأنبا ديمتريوس الكرَّام وزوجته.
وفي عشية ذلك اليوم المليء بالذكريات أخذ أبونا بيشوي يمنح بركته لجميع المحيطين به. وبينما كانت عقارب الساعة تتحرك نحو مطلع الفجر سأل في نشوة: “إيه الفتحة اللي فوق؟” وسأله نبيل (وهو ابن لأخيه): “أين يا أبانا القديس؟” أجاب في همس: “إنها السماء”. وهكذا انفتحت أبواب الفردوس ورنَّ صوت الفادي الحبيب في أذنيّ هذا التلميذ الذي ظلّ أمينًا حتى الموت: “نعمًا أيها العبد الصالح والأمين… ادخل إلى فرح سيدك”.
۲۰. الوداع
كانت الساعة الثامنة والثلث آنذاك من صباح الأربعاء ۱۲ برمهات وبعد ثلاث ساعات كان الجثمان الطاهر مُسجَّى داخل نعشه عند حجاب الهيكل. كان مرتديًا ثيابه الكهنوتية البيضاء المزيَّنة بالذهبي وهو ممسك بيده صليبًا خشبيًا – وبعبارة أوضح كان مرتديًا ثياب السمائيين كما وصفهم يوحنا الرائي. رقد هناك في نعشه المفتوح بينما مرَّت الجماهير الحاشدة في صفٍ واحدٍ لتنال بركته الأخيرة. كانوا يدخلون من الباب الجنوبي الغربي للكنيسة، ويقبِّلون الصليب في اليد التي تحمله في إصرار، ثم يخرجون من الباب الشمالي الشرقي. واستمر الجموع في سيرٍ لا ينقطع مذاك إلى الساعة الثالثة من ظهر الخميس. وفي تلك الساعة دخل قداسة البابا الأنبا شنودة الثالث ليرأس شعائر التجنيز. وكان برفقته أصحاب النيافة الأنبا يؤانس أسقف الغربية، الأنبا باخوميوس أسقف البحيرة والخمس مدن الغربية، الأنبا بيشوي أسقف دمياط والبراري وكفر الشيخ، الأنبا هدار أسقف أسوان، الأنبا بنيامين أسقف المنوفية، والأنبا تادرس أسقف بورسعيد، والأنبا رويس أسقف عام. ودخل معهم جميع كهنة الإسكندرية وعدد وفير من كهنة كافة البلاد المصرية. كذلك جاء رؤساء الطوائف المختلفة. وإلى جانب كل هؤلاء حضر مندوب عن رئيس الجمهورية ومندوب عن رئيس الوزراء.
أما الناس فقد ملأوا الكنيسة والقاعة التي تحتها ومداخل الكنيسة وما حولها، والشوارع المحيطة بها على بعد مربعين شرقًا وغربًا، بل لقد وقف البعض منهم على حدود شريط الترام، وملأوا النوافذ والشرفات القريبة.
ولما انتهت الصلوات ألقى قداسة البابا كلمة نقتطف منها ما يلي: “أحبائي – ما أصعب أن تتحوَّل حياة إلى قصة. والأكثر صعوبة أن يتحوَّل صوت معلم إلى صمت… إن أرواحًا معينة، في فترة قصيرة، تحوِّل الحياة. ولقد كان أبونا بيشوي روحًا من تلك الأرواح العظمى، بل بالحري واحدة من تلك الإمكانيات الجبارة التي استخدمها الله لبناء ملكوته… وحين دخل أبونا بيشوي أدخل معه نوعًا جديدًا من الخدمة فيها يأخذ الخادم من الله مباشرة ليعطي للشعب… وفيه اجتمع التواضع بالشجاعة… والكنيسة التي خدمها أصبحت مركز إشعاع… كنا نحزن حقيقة لانتقال أبينا بيشوي لو أنه كان شخصًا؛ إنه لم يكن شخصًا بل بالحري كان مدرسة. وهذه المدرسة باقية في تلاميذه العديدين… إن الأرواح الكبيرة أرواح مجاهدة بلا انقطاع سواءً في الجسد أو خارج الجسد. وروح كبيرة كأبينا بيشوي لا يمكن أن تكف عن الجهاد. فلقد انضم إلى جماعة القديسين، وكلهم أصبحوا أكثر قوة وأعظم إمكانيات وأوسع حرية… لسنوات كثيرة لم أكن أتصوَّر كنيسة مارجرجس بسبورتنج من غير أبينا بيشوي. وحتى الآن مازلت أعتقد أنه فيها فليس من المعقول أن شخصًا ينسى جهاد السنين الكثيرة حينما ينتقل إلى العالم الآخر…
أطلب إلى الرب الإله نياحًا لهذه النفس المباركة في الفردوس، وعزاء روحه القدوس لكل أحبائه وأبنائه العديدين – آمين”.
إن الكلمات التالية هي حوار بين اثنين من ضباط الشرطة كانا مكلفين بالحراسة ساعة الجنازة كما رواها القس لوقا سيداروس: قال أولهما: “كنت متوقعًا أن أجد أكثر من نصف مليون شخص، وأظن أن المسيحيين لم يعطوا أبونا حقه من التكريم”. وسأله الثاني في دهشة واضحة: “إلى هذا الحد؟ إني لم أحضر في حياتي جنازة مليئة بهذا الإخلاص والعرفان! ولم أرَ قط قلوبًا كسيرة، ولا دموعًا سخينة! ومع ذلك – ألم يكن الرجل مجرد كاهن؟!” قال الأول: “لو أنك كنت على صلة قريبة بالرجل لاتفقت معي. لأني أقول لك لو أنك طلبت إليه أن يحل سيور حذائك لقبل ذلك من غير تذمّر، بل بالحري لفعله بفرح وسرور. تصوَّر إنه أعطى ذاته إلى هذا الحد لكل إنسان! ولهذا السبب أقول إنهم لم يوفوه حقه من التكريم”.
۲۱. اختبار عجيب
حينما انتقل أبونا بيشوي كانت المؤلفة في لندن. وفي صباح الأربعاء (۱۲ برمهات) كانت جالسة في المطبخ بالقرب من جداره الزجاجي المطلّ على الحديقة التي كانت مغطاة بالثلج. وفي لحظةٍ ما رفعت عينيها من الكتابة فرأت عصفورًا يجرّ رجليه جرًا فوق ممر الحديقة ثم يختفي خلف جذع شجرة كثيف وبعدها عاودت الكتابة وفي الظهر حين عاد أمين (ابن أخيها سامي) من المدرسة قال لها: “يا حرام! فيه عصفور ميت إلى جانب جذع الشجرة الملاصقة للجراج”. وتلقَّت الخبر دون أى تفكير.
وعادت في اليوم التالي إلى مقعدها في المطبخ. ولما عاد أمين من المدرسة أبدى الملحوظة عينها. ففي اليوم الثالث، وحالما ذهب أمين الى المدرسة خرجت المؤلفة فوجدت العصفور في مكانه. فأحضرت علبة كرتون ووضعت داخلها قليلاً من العشب الناعم ثم وضعت العصفور فوقه وغطَّت العلبة وحفرت نقرة صغيرة إلى جانب جذع الشجرة ودفنتها فيها.
وفي يوم الأحد حينما كان يذكر الخادم الكاهن الخديم المنتقلين كانت آخر جملة قالها: “نيِّح يارب نفس عبدك القمص بيشوي كامل”. فلما انتهت الصلوات القدسية سألت أبونا: “متى حدث هذا؟” أجابها: “لقد تنيَّح صباح الأربعاء، وظل جثمانه الطاهر داخل الكنيسة في نعشه المكشوف، ثم صلى عليه قداسة البابا شنودة الثالث بعد ظهر الخميس ودفنوه عقب انتهائهم من الصلاة”. وفي رمشة عين رأت العصفور الذي مات في الحديقة! وقد يسخر البعض أو يظنون أن هذه مجرد صدفة. ولكن آباءنا علمونا أنه ليست هناك صدفة لأولاد الله. ولقد كان أبونا بيشوي أب اعترافها حتى حين كانت في لندن. فربطت المحبة الوثيقة بينهما. ومما لاشك فيه أنه – لهذا عينه – أراد أن يعطيها بنفسه خبر انتقاله.
وجدير بالذكر أن مقصورة خاصة تحت المذبح الشمالي لكنيسة مارجرجس بسبورتنج قد أقيمت لوضع رفات أبينا بيشوي فيها. وهذه المقصورة قد أصبحت مزارًا يزوره المئات من الناس باستمرار. وإلى الآن يخدم أبونا بيشوي شعبه: بتحذيرهم عند الخطأ، وبنصحهم عند التردد، وبإرشادهم حين يكونون في مفترق الطرق.
۲۲. تذكاره
وبعد سنة من نياحته أقيمت له صلوات تذكارية في كنيسة مارجرجس رأسها قداسة البابا شنودة الثالث أيضًا. ثم ألقى كلمة نقتطف منها ما يأتي: “إنه ليفرحني يا أحبائي أن أشترك معكم في التكريم اللائق بخادم أمين كانت حياته رائحة ذكية. بخورًا. لحنًا متناغمًا من مزمور… لم يعد شخصًا بل بالحري أصبح رمزًا: رمزًا لخدمة روحية قوية، جهدًا بنّاءً، درسًا لجميع الذين يريدون أن يخدموا في محبة وولاء… وله مزاره كتذكار حي لمحبته تجاوبت معها محبة شعبه… لقد أعدَّ الله موسى حين شب “مهذبًا بكل حكمة المصريين”، كذلك أعد الله شاول الطرسوسي – بولس الرسول – حين جلس عند قدميّ غمالائيل. وعلى هذا النمط أعد الله أبونا بيشوي بالتربية المدنية والدينية معًا. وفوق هذا كله منحه قلبًا مليئًا بالوداعة والتواضع والشجاعة وبالتقدير الشامل للآخرين ومعاملتهم بغاية الرقة. لقد حباه بإمكانية من الحب تتخطى حدود الزمان والمكان والشخصيات… وكان يرى في الكاهن شهيدًا يخدم شعبه بروح الاستشهاد – أي مقدمًا ذاته بل حياته في سبيلهم متقبلاً التعب والألم والاضطهاد من أجلهم – وعاش بهذا المبدأ. لذلك أصبح “أبًا” لعدد من الكهنة، أبًا لخدمة تمتد إلى ما وراء الحدود… فحينما دخل لوس أنجيلوس أدخل معه روحًا جديدةً – لا بل بالحري أدخل معه ملكوت السموات. لقد نفخ في الناس روح الأرثوذكسية لأنه كان يؤمن تمامًا بروحانيتها العميقة… وامتد خارجًا فأسس كنيسة سان فرانسيسكو بكاليفورنيا، وأخرى بدنفر بكلورادو في بورتلاند ورابعة في سياتل وخامسة في هيوستن بتكساس وسادسة في جيرسي ولكل الكنائس في أنحاء الولايات المتحدة كان يرسل مطبوعاته باستمرار… ولم يدعه عمله للجماعة ينسى عمله للفرد: فسعى وراء كل واحد شخصيًا. لقد كان عجيبًا حقًا في سعيه وراء الفرد. وكل مشكلة قدمت له من شخص حلّها بحنان ومحبة… وكان أبونا بيشوي عجيبًا أيضًا في محبته للقديسين: فيسافر إلى دير مارمينا ليسهر مع القديس عشية تذكاره. ويذهب إلى أي دير يوم تذكار مؤسسه. وهؤلاء النساك آباء الصحراء لم يكونوا وحدهم أصحابه: فكان يذهب إلى كنيسة السيدة العذراء بالعزب بالفيوم ليسهر ثم ليصلي القداس الإلهي في تذكار الأسقف الأنبا إبرآم. وإني لأتعجب من الترحيب الذي لاقاه به القديسون حين انضم إليهم في الفردوس!… لقد انسابت محبة الكنيسة في شرايينه… ولقد خدم كأب روحي. وخدم المذبح حاملاً في داخله شعبه إلى حضن الآب السماوي… كان حنانه يتسع إلى محبة مبغضيه. كان يحب الضال والمشاغب. وحين كان يخدم في كنيسة مارجرجس والأنبا شنودة التي اشتراها بجيرسي سيتي نجح في تعميد يهودية متعصبة. وحينما كان بالمستشفى في لندن اكتسب ممرضته الملحدة إلى السيد المسيح.
فلتكن شفاعته مع جميعنا. آمين”.
ثم قام نيافة الأنبا يؤانس أسقف الغربية بعده وألقى كلمته نقتبس منها ما يلي:
“أحبائي – أشكر الله لأنه أعطاني هذه الفرصة أن آتي وأشترك معكم في الذكرى العطرة لأبينا بيشوي… وحين أراكم أرى كنيسة راسخة روحية تأسست على دموع وعرق كاهنها الأول… ففيكم يتحوَّل التاريخ إلى واقع حي… وفي هذه المناسبة نحتفل بعيد الصليب. وأنا أجد تناغمًا عجيبًا بين الصليب وبين ذاك الذي حمل الصليب أو بالحري عاشه… لقد عاش الصليب بوجهيه: وجه الفرح ووجه الألم عاش وجه الألم في عمق باطنيّته وعاش وجه الفرح خارجيًا، كان وجهه الملائكي أكثر ملائكية بابتسامته المضيئة فلا أذكر مطلقًا أني رأيته عابسًا. إن كنيستنا تتألف من موكب حاملي الصليب. ففي المقدمة يقف رب المجد حاملاً صليبه. وكل الذين يتبعونه، وبلا استثناء، هم حاملو الصليب: كلٍ يحمل صليبه. فهذا هو الشرط الأساسي الذي وضعه الرب. لذلك فالصليب هو جوهر المسيحية. وهو حلو على الرغم من ألمه. كان للقديس بولس شوكة في الجسد يظنها البعض مرضًا في العين يراه البعض الآخر خُراجًا غير قابل للشفاء يفرز رائحة كريهة، لأنه يقول للغلاطيين: “وتجربتي التي في جسدي لم تزدروا بها ولا كرهتموها…” وكانت المناديل والعصائب التي يرميها ملوثة بالصديد وبالميكروبات. وتبعًا للطب الحديث كانت تحمل العدوى. ومع ذلك فهذه المناديل الملوثة كانت تشفي المرضى وتخرج الأرواح الشريرة. وهذا درس أمثل لنا عن قوة الصليب وألمه أثبته أبونا بيشوي في قرننا العشرين هذا فلقد وصف السرطان بأنه مرض الملكوت.
فليبارك الله حياتكم ويرسخكم في نعمته.
له المجد والإكرام إلى الأبد. آمين
قد يعجبك ايضا
regbeegtube.com https://onlychicas.net
www.xporn.desi
oversexed mamma asks her active paramour to drill her hard. hdporn
bikini sappho teen queening classy mature.xxx video