أود أن أهنئ المِصريين بحلول عيد الأضحى، راجيًا لبلادنا الغالية كل خير وسلام، كما أود أن أهنئكم بانطلاق فعاليات المؤتمر الأول لأحد أضخم المشروعات التنموية المتكاملة فى تاريخ مصر الحديث: «حياة كريمة»؛ الذى يستهدف تنمية الريف المِصرىّ؛ استكمالاً لمسيرة الأمة المِصرية فى تاريخها العظيم، مجتازةً التحديات. وقد جاءت وثيقة انطلاق المشروع مؤكدة الثقة بمساندة الله أولاً، وبقدرات الوطن وإرادة الشعب؛ لتحوِّل حُلم الحياة الكريمة إلى خطوات مشروع حقيقية تبدأ على أرض الواقع: «مستعينًا بالله.. واثقًا بقدرات وطننا الغالى… مؤمنًا بإرادة شعبنا العظيم فى مواجهة التحديات… ويقينًا بأن هذا الشعب يستحق الحياة الكريمة التى تليق بما قدم من تضحيات، وما واجه من تحديات، وما تحمل من صعوبات؛ لتظل مِصرنا عزيزة أبية».
وكما أعلن السيد الرئيس «عبد الفتاح السيسى»، فى كلمته بافتتاح المشروع: «انطلاق مشروعنا الوطنىّ الأعظم لتنمية الريف المِصرىّ (حياة كريمة)، الذى نسعى من خلاله لرفع مستوى المعيشة لأكثر من «أربعة آلاف قرية»، مستهدفين تحقيق تنمية مستدامة، وتحسين جودة الحياة لقُرابة ٥٨ مليون مواطن، خلال السنوات الثلاث القادمة»، هذه الحياة الكريمة التى بدأت بإرادة الشعب فى 30/ 6/ 2013م، وانحاز إليها وساندها الجيش المِصرىّ: «إننى أجد نفسى الآن، وهى تفخر بما حققه المِصريون، وقد تعالت الصيحات فى ميادين «مِصر» وفى شوارعها وقراها، معبّرة عن إرادة الأمة المِصرية فى استعادة «مِصر» ممن أرادوا انتهاك قدسية أرضها وسلبوا هُويتها، تدفعهم فى ذلك مفاهيم مغلوطة وأيديولوچيات متطرفة.
وأجدنى ومعى الجيش المِصرىّ الذى شرُفت بقيادته فى تلك اللحظات العصيبة من تاريخ الوطن؛ وقد كان انحيازنا مطلقًا إلى إرادة هذا الشعب العظيم». وهكذا تحولت تلك الإرادة إلى خطوات للتنمية المستدامة لوطننا «مِصر».
إن مشروع «حياة كريمة» بدأ مبادرةً أطلقها السيد الرئيس «عبد الفتاح السيسى» فى 2/1/2019م، تحقيقًا لحُلم آمن به من أجل تنمية حياة المِصريين فى جميع قرى «مِصر»، والقضاء على الفقر، والتخفيف عن كاهل المواطنين، بخُطة متكاملة فى الارتقاء بالمستوى الاجتماعىّ والصحىّ والتعليمىّ والاقتصادىّ والسكنىّ، وبجميع القطاعات الخِدْمية فى ٤٥٨٤ قرية مِصرية.
وقد أبرز السيد الرئيس، فى اجتماعه بمجموعة من رجال الأعمال، أن اهتمام الدولة الأول هو بناء الإنسان المِصرىّ من الجوانب كافة، واستثمار الموارد البشرية باعتبارها قاطرة التقدم إلى المستقبل الذى يليق بـ«مِصر». إن هذا المشروع الضخم ليأتى بعد مرحلة فاصلة، تمر بـ«مِصر» منذ عام ٢٠١٤م، ممتدةً حتى اليوم؛ مرحلة اهتمت بالتركيز فى الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية، والتعامل مع كثير من المشكلات الاقتصادية المزمنة.
وهكذا توفرت الموارد التى مكنت الدولة من إرساء قواعد قوية لبنية تحتية حديثة ومتكاملة، كما كانت جاذبة للاستثمار والأعمال. وقد كان لنجاح الدولة فى تأمين احتياجاتها، من الطاقة بمختلف أنواعها، دور بارز فى المضى بخطًى ثابتة تجاه المشروعات الصناعية؛ وهذا ما أبرزه سيادته فى كلمته عن سعى المشروع «لبناء الإنسان المِصرىّّ بناءً متكاملاً صحيًّا وعقليًّا وثقافيًّا؛ إيمانًا بأن الإنسان المِصرىّ هو كَنز هذا الوطن وأيقونة انتصاره ومجده. إن مِصر القوية، الحديثة، المدنية، الديمُقراطية هى التى تليق بالمِصريين، وتعبر عن إرادتهم، وتناسب تطلعاتهم، وتمثل تضحياتهم».
وقد أكدت الأديان أن للإنسان، الذى تعمل الدولة من أجله اليوم، مكانةً عظيمةً عند الله- تبارك اسمه. ففى «المسيحية»، خلق الله الإنسان على صورته ومثاله فى العدل والرحمة والمحبة و… إلخ – مع كون هذه الصفات فى الإنسان محدودة، لا مطلقة كوجودها فى طبيعة الله: «وقال الله: «نَعْمَلُ الْإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا، فَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى الْبَهَائِمِ، وَعَلَى كُلِّ الْأَرْضِ، وَعَلَى جَمِيعِ الدَّبَّابَاتِ الَّتِى تَدِبُّ عَلَى الْأَرْضِ». فَخَلَقَ اللهُ الْإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ». وفى «الإسلام»، الإنسان هو خليفة الله فى الأرض: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّى جَاعِلٌ فِى الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَآءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّى أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾. فمن منطلق هٰذا السمُو فى كلا المفهومين، كانت للإنسان قيمته العظيمة جدًّا. وقد وهب الله للإنسان عددًا من الحقوق، ومن أهمها: «الحياة»، و«بكرامة».
أهنئكم بانطلاق مشروع «حياة كريمة». وكما جددتم، يا سيادة الرئيس، العهد والوعد: «إننى معكم على عهد ووعد؛ أجددهما بين حين وآخر، بأن أظل ابنًا لهذا الوطن، عاملاً من أجله»، نجدد إرادتنا فى الثبات على وَحدتنا معًا؛ من أجل تنمية بلادنا، واستعادتها مكانتها التى تبوأتها على مر التاريخ، واثقين فى كلمة سيادتكم: «لا يمكن أن ننجح إن لم نكُن على قلب رجل واحد». حفِظ الله «مِصر» من كل شر. و… والحديث فى «مصر الحلوة» لا ينتهى!.
* الأسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى