استكمل قداسته السلسلة التعليمية الجديدة “حكمة الأصوام في كنيستنا”، وتناول جزءًا من الأصحاح الأول في سفر أعمال الرسل والأعداد (١ – ٨)، وأشار إلى أن صوم الرسل يقوم على صوم الفم، وتقوم فكرة هذا الصوم على الآية “تَكُونُونَ لِي شُهُودًا” (أع ١: ٨)، وينبغي أن يكون الإنسان المسيحي شاهدًا للمسيح ويتقدم في المراحل حتى يصير شهيدًا، وأوضح بعض الصور للشهادة بالفم، وهي:
– الفم واللسان: أن يشهد الإنسان للمسيح بالكلام والوعظ والتعليم، مثال بطرس الرسول في يوم الخمسين، ومثال بولس الرسول عندما ذهب إلى كورنثوس “وَكَلاَمِي وَكِرَازَتِي لَمْ يَكُونَا بِكَلاَمِ الْحِكْمَةِ الإِنْسَانِيَّةِ الْمُقْنِعِ، بَلْ بِبُرْهَانِ الرُّوحِ وَالْقُوَّةِ، لِكَيْ لاَ يَكُونَ إِيمَانُكُمْ بِحِكْمَةِ النَّاسِ بَلْ بِقُوَّةِ اللهِ” (١كو ٢: ٤ – ٥).
– الفم واليدين معًا: أن يشهد الإنسان للمسيح بما يقدمه وما يصنعه بيديه، مثال طابيثا التي كانت تقوم بأعمال الحياكة من أجل الناس، ومثال أكيلا وبريسكلا اللذان كانا يقومان بصناعة الخيام بالأيدي من أجل الآخرين.
– الفم والقدمين معًا: أن يشهد الإنسان للمسيح بما يفعله من سعي من أجل الخدمة، مثال خدمة المحتاجين وافتقاد البعيدين، كما كان يفعل القديس أبونا بيشوي كامل.
١- الصلاة: أن نشهد للمسيح من خلال الصلوات، “إِلَى الرَّبِّ فِي ضِيْقِي صَرَخْتُ فَاسْتَجَابَ لِي. يَا رَبُّ، نَجِّ نَفْسِي مِنْ شِفَاهِ الْكَذِبِ، مِنْ لِسَانِ غِشٍّ. مَاذَا يُعْطِيكَ وَمَاذَا يَزِيدُ لَكَ لِسَانُ الْغِشِّ؟” (مز ١٢٠: ١ – ٣)، لأن الصلاة أنقذت يونان في بطن الحوت، ودانيال في جب الأسود، وأن يكون اللسان مقدسًا دائمًا بالصلوات السهمية.
٢- التسبيح : أن نقدم تسابيحنا لله، مثال التسابيح في شهر كيهك لأمنا السيدة العذراء مريم، ونطوبها من أجل أنها حملت المسيح في قلبها قبل بطنها، وكان لسانها يلهج بالوصايا، “«مَهْمَا قَالَ لَكُمْ فَافْعَلُوهُ»” (يو ٢: ٥)، “قلبي ولساني يسبحان الثالوث القدوس”، لأن التسبيح هو الصورة الراقية جدًّا من الصلوات.
٣- التعليم : أن نقوم بالدراسة والبحث والتعمق والتأمل ليكون التعليم صحيحًا، وبالتوعية من خلال التعليم في الصغر، “امحو الذنب بالتعليم”، كما تعلّم موسى النبي من أمه، وتيموثاوس تلميذ بولس الرسول الذي تعلّم من أمه وجدته، وأيضًا بالتشجيع والمساندة، “قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ، وَفَتِيلَةً مُدَخِّنَةً لاَ يُطْفِئُ، حَتَّى يُخْرِجَ الْحَقَّ إِلَى النُّصْرَةِ” (مت ١٢: ٢٠).
٤- الحكمة : أن نتكلم بالحكمة، كما كان الآباء الرسل الذين بلغت أقوالهم كل المسكونة، ومن سير الآباء: سؤل أحد الآباء عن أيهما أفضل، الكلام أم الصمت؟ فأجاب “إذا الكلام من أجل الله فهو حسن وإذا كان الصمت من أجل الله فهو حسن”، وينبغي أن تكون الكلمة حكيمة، فتنبع الشهادة من القلب الصحيح ومن الحياة السليمة.